المثالية المُفسدة | بقلم الكاتبة المصرية / صفاء الحملاوي
المثالية المُفسدة | بقلم الكاتبة المصرية / صفاء الحملاوي |
تحكي إحدى الأمهات فتقول لقد اشتريت لابني بعض الأشياء التي قد وعدته بشراءها مسبقا رغم تصرفه معي في موقف ما بشكل سئ وبأسلوب غير مهذب وقد توقع أني سأحرمه منها تأديبا له ولكن لم أفعل، وسألني متعجبا عن هذا الأمر، فقلت له لو منعتها عنك سأجعل منك إنسانا منافقا تعتذر لتحصل على الأشياء وتتأدب حبا في المصلحة لن يكون اعتذارك حقيقيا، وبعد فترة من الصمت قام الابن بالاعتذار ليس من أجل المصلحة فقد حصل عليها بالفعل ولكنه أدرك أنه مخطئ واعتذر اعتذارًا حقيقيا، لقد نجح هدف الأم النبيل
وكانت فكرتها مثالية ورائعة، ولكن هل هذا يعني أن تطبيقها ممكن مع جميع الأبناء وكل الشخصيات؟
هل ستكون مناسبة لكل الطباع؟
بالطبع لا!
بل ربما يحدث العكس تماما وتبوء الفكرة المثالية بالفشل
سأقدم نموذج آخر
تحكي فيه الأم عن ابنها المراهق الذي تعطيه دائما كل ما يطلب وتحقق له كل ما يريد لا تحب له أن يغضب أو يحزن أو يمر بأي شعور حرمان، وكانت تطلب منه دائما أن يكون لطيفا ويقدر ما تفعل من أجله ولكنه يسمع ولا يتعلم سواء كانت غاضبة أم هادئة فلماذا يقيد نفسه بالمسؤولية والشعور بالتقدير وكل الأشياء حوله متاحة وكل المطالب مجابة، الأهم رغبته فلا يوجد شئ يخسره، وعندما تغيرت الأم
واحترمت راحتها ولم تغذي أنانيته بالكثير من العطاء بدأ يفهم ويتأدب وينضبط،
فهكذا تجد أن هناك من تملكه بالعطاء وهناك من تؤدبه الخسائر
ولكن يجب التنبيه أن المنع لا يطبق على الاحتياجات الحياتية الأساسية ولكن في الرفاهيات التي يمكن التخلي عنها اذا كان هذا نافعا فلا يجب أن يتحول المنع إلى ورقة ضغط وإذلال، فالتربية ليست انتقام وإنما إصلاح
والتنبيه الأهم أن الأساليب التربوية منوعة وغير مطلقة وغير محصورة في طريقة و طريقتين
والذي يكون مثاليا مع البعض قد يكون مفسدا للآخر لذلك تجد أن الأساليب التربوية لا تعتمد على مثالية الفكرة قدر اعتمادها على نجاح النتيجة
وفهم الطباع والتعامل معها بما يناسبها أهم فالتربية كالثوب يجب أن تكون مفصلة على الشخص و ملائمة
له ، فلا يمكنك أن تشتري ثوبا جميلا باهظ الثمن وملفت ولكنه غير مناسب للحجم والعمر .
Post A Comment: