آفة العصر | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


آفة العصر | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
آفة العصر | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



 السلام عليكم ، 

آفة العصر : 

إن آفة هذا العصر هي التوتر والقلق الزائد والتفكير المبالغ فيه سواء في أمور مَضَتْ وانقضت بالفعل أو في أمور قادمة لا يعلمها سوى الله ، ورغم علم الجميع بأن هذا القلق لن يُفيد إلا أنهم لا يتوقفون عنه وكأنهم يقصدون التورط في تلك الدوامة من الفكر الضَحل الذي لا ينتهي أو يؤدي لنتائج فعلية مُجدية ، فكل ما عليهم هو أنْ يفعلوا ما بوسعهم من جهود لردم الماضي وما حدث به وسحق آلامه دون أنْ يَعْلَق منه شيء بأذهانهم وكذلك العمل على تطوير الذات من أجل نيل مستقبل مشرق زاهر زاخر بالنجاحات والإنجازات التي لا تنتهي والتي يعقبها الفخر بالذات والقدرة على التأثير الفعال في المجتمع ، فإنْ فكَّر كل منا ملياً سيجد بأن هذا التفكير الذي يُقحِم نفسه فيه لن يجلب له سوى المزيد من الأمراض والتوتر وانهيار الأعصاب بل فقدان الرغبة في الحياة بأسرها ، فماذا سيحدث إنْ تخلى عنه لبعض الوقت وشَرع في العمل الفعلي الذي يساعده على تحقيق شيء ما يضيف إليه ويُضفي على حياته المزيد من الاختلاف والتَميُّز بحيث يشعر أنه يسبق الآخرين في أمر ما ولا يُقلِّدهم أو يتبع نهجهم أو يشاركهم ما يضرهم فحَسب ؟ ، فهو قادر على قيادة دفة حياته نحو مسار أفضل بمشيئة الله وإرادته الشخصية الأشبه بإرادة مقاتل يُصِر على الظفر في تلك المعركة التي يخوضها دون أنْ يترك المنافس يثبت قدراته وجدارته بالفوز فينتصر عليه ويجعله خائر القوى ، مسلوب الإرادة ، فعلينا أنْ نتشبه بهذا الدور في حياتنا الواقعية قبل أنْ نفقد أهم عنصر فيها ونظل نلهث وراء السراب دون أنْ نصل لشيء في نهاية المطاف ، فما القلق سوى تعطيل عن عجلة الزمن التي سوف تدهسنا إنْ لم نواكب سرعتها بل نتجاوز تلك السرعة حتى نضع أرجلنا على بداية الطريق السليم الخالي من الألم والتوتر وتشتيت الانتباه عن تلك الأمور الجدية التي تستحق التفكير برَوية والتي على المرء أنْ يحاول تحقيقها بكل ما أُوتي من همة وإرادة وعزيمة دون أنْ يُوقِّفه شيء وبخاصة إنْ كان نابعاً من داخله ، فتلك الخُطوة التي تحاول أنْ تسبق بها الآخرين قادرة على نقلك لمكان آخر وتوصيلك لمكانة مرموقة ترفع قدرك وتُغيِّر من طريقة تفكيرك وتضعك على مشارف الطريق الصحيح المنشود بخلاف ما ينتهج الآخرون فسوف يظل كل منهم واقفاً مكانه لا يُحرِّك ساكناً ، يتحسر على حياته التي تضيع منه في الهم واليأس والغم الذي لا ينتهي ولن ينتهي إذا لم يُغيِّر كل منهم تلك الطريقة الشنيعة التي يُفكِّر بها في مجمل حياته ومستقبله الذي لن يختلف كثيراً عمَّا مضى إذا بقي على تلك الشاكلة ولسوف يكون المتسبب الأول في ضياعه بلا رجعة وسيُصاب بالندم ولكن بعد فوات الأوان ، فلا بد أنْ يستفيق كل البشر من تلك الغفلة قبل أنْ تسحبهم تلك الدوامة العنيفة دون القدرة على الفكاك من عواقبها الوخيمة التي تؤثر بالسَلب على نمط الحياة بالكامل ...



Share To: