أنا عنها ما اخبرتكم | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة

 

أنا عنها ما اخبرتكم | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة

أنا عنكِ ما أخبرتهم

لكنهم لمحوك

تغتسلينَ في أحداقي

أنا عنكِ ما كلمتهم

لكنهم قرؤوك في حبري وفي أوراقي

للحبِّ رائحةٌوليس بوسعها ألا تفوح

َمزارعَ الدُّراقِ (نزار قباني)

ماذا تفعلين هنا؟ فانا عنك ما اخبرتهم وكيف لى برسم سماتك وانت الملاك ...فهل لجمال الملاك من ملامح ترسم! وكيف للحرف وهو جند من جنود الله فى الأرض ان يدرك اوصافك! انا عنها ما اخبرتكم لا لبخل أو خشية حسد أو من خريف فراق ، لكن لرقة طبعها عجزت حروفى وفرشاة الفن عن انصافها. انا عنك ما اخبرتهم فانت لى الحب والترياق. فوربك هل لى وانا رجل واحد ان يصفك وانت قبيلة من النساء!

ما عدت الفارس الأذلى ولا الشاعر المشهور، بل أنا فى هواك شبح ليس يرى، لكنه يعشق. فى غيابك لغة أنا، تأن احتياجا لأحرفها، مثلما تحتاج النبتة لغابتها الخضراء...بستان أنت فى مملكة لم تعد مملكتى، فهل اصغيت لصهيل أشجانى؟

كتبت بالأمس عن الحب تسلية، وفى معاركة كنت مقاتلا شرسا ليس من عنف، بل تربية لأقرانى فمن له أن يذكرنى ويجبر وجدانى؟ وها أنا اليوم بلا سيف ولا فرس. دونك فاتنتى قد غرقت مراكبى وما بلغت شطأنى. فماذا أهديك وقد سلبت هويتى وعنوانى؟ هل لى من سبيل أن أضيفك حرفا على جبين الابجدية؟ عاشق أنا فاسمحى لى فى حبك أن أجمع بين الحضارة والبربرية. إمنحى لى فرصة أن اقود انقلابا يوطد سلطة قلبك بين الشعوب. ملك انا لو تصبحين حبيبتى.

لو ضاقت العبارة بأحرفى وما أعانى، لكتبتك بالصمت... ساقولك بينى وبين نفسى...بين أهداب عينى وعينى.

ثقى بضؤ القمر والا ساكتبك رمزا لا يقرأه الا العاشقون. لا تسألينى لماذا أحبك، فهل سألت السفينة لماذا أحاط بها الماء؟ وما جدوى أن تعلمى سهم القلوب من أين جاء! ساترجم لك حفاوة المقاعد بنسيم قدومك وسعادة الشجر وضى القمر بربيع صفوك. سأكتبك حرفا يرويه الزمان. 

وعجبا حدث

فى صباح براق ويراق كما النجوم 

فى السماء تتلألأ لتنشر الدفء والطمأنينة...كما النور ينبض فى عيون العاشقين لنحلق به بين السحاب دون غيوم. فى لحظة سرقتنى من حياتى وأخرجتنى من صومعة صمتى وكأنها حلم السنين يتحقق فجأة، لتحتل البقايا القليلة المتبقية لى للحياة. فلا هى تركنا لى بقاياى ولا هى وهبتنى رفاهية جناتها. وكعصفور رقيق القلب تعلقت بها لا لقوتها ولا لجمالها الذى لم أدرك معالمه لكن عبثا فعلت حين ظننت أنها... حبيبتى. وعلى غفلة منى أخبرتها انى احبها وبكل مفردات القلب والقرب سقطت فى بحر اعجابى وتوغلت بخيالى الواهم فى بحار وعبير سهولها وجبالها. وتفقدنى التوازن بقولها صراحة ان لا مانع من ان احبها ، لكنها غير ملزمة برد المشاعر ولا الإفصاح عنها، كمن يعشق الزهر ويرفض اشواكه! وصرت بعد هيمنتى وفكرى فأر هارب يلتمس طريق الرجوع لصومعته مرتجفا من قسوة الدهر... الم تكن هى كل الدهر لى فى لحظة امان! هل يمكن أن يتبدل الأمان وان يتخلى عنى الزمن ليظهر يد عبوسه؟

اعاتبك ام اعاتب ذاتى؟ يا لسذاجتى وطيشى...كيف السبيل للاعتذار عما افصحت الروح به؟ كيف الهروب من أرض لم تنبت سوى شوك يؤلمني ولم ولن يؤلم غيرى؟ ويكفى قول الندم وللأسف ولكن لمن الاعتذار لنفسى التى صغرت ام لحبيبة أو صديقة أو نزولا وهبوط فى المراتب حتى ابتعدت وتلاشت وشيدت جدران وسدود منيعه بين وبينها. ما كنت يوما أعتقد ان القسوة تعرف السبيل إلى عقلها. فتلذذت بعقابى وتكرمت بعذابى. 

بارعة هى فى جذب الانتباه لفطنتها وبلاغتها البيت بفاطمة؟ تفطم مل شعور رقيق برىء لا تلتفت لصراخ أو انين الضحية. نفطم بلا شفقة ام حنون بل بشرط جراح بارع. أى عقد هذا الذى ينص على الأخذ دون الوفاء؟ اى معاهدة تلك التى تطيح بقلوب العباد دون عناء؟ اى قيزة تمتلك انت وباى حق هان عليك ان تمحى ابتسامة الفقراء؟! الم أقف ببابك سائلا إحسان قلبك؟ الم اخبرك إننى ليس من ضعف احتاج دعمك؟ لكنك فرطت فى كل قيم الكرماء لتتركى ورد الحدائق يذبل ويبكى فى الم يعتصر قلوب الرحماء.

يا فاتنتى كم من القلوب سحقتى باقدام الذكاء؟ أشهد الله انى وانى ما كنت غادرا أو ماكرا وما باحت احرفى الا بالنقاء والصفاء. فلتنعمى وتسعدى دوما بإعجاب الآخرين دون عطاء.

وختاما فرحمة الأسد فى برجه وفى انثاه من شيم الولاء. ولتبقى رحمتك يارب بقلوب صادقة هى ملاذى وملاذ الغرباء . غرباء نحن عن هذا العالم المسوم بكل ما هو آفة ووباء. غرباء نحن ونشرف اننا لسنا للشر والغدر وزراء.