عِبادَةُ الأحذِيَة‼️ | بقلم الكاتبة الأديبة المصرية/ آيات عبد المنعم
عِبادَةُ الأحذِيَة‼️ | بقلم الكاتبة الأديبة المصرية/ آيات عبد المنعم |
لا أريدُ الزحفَ للوراء حينَ كانت أكبر أمانينا حذاء جديد في بداية العام الدراسي، يؤرقنا ذاكَ المحلّ الفاخر في وسط المدينة، عيوننا الصغيرة تخترقُ واجهة المحلّ البراقة وتلتهم صورة الحذاء الذي إذا حصلنا عليه نُدرك أنّ والدنا يُحبّنا حقًّا.
المدرسة كانت مسرح كبير للتباهي، والتنافس بين الطلاب على الحقائب والأقلام والهندام والطعام، ويأتي الحذاء ليمنح لخطواتك الصغيرة وقع إمبراطور! خاصّةً حين تترك الماركة المطبوعة على التراب وشم باهظ الثمن يجعل كلّ من يرتدي حذاء وطنيّ الصنع يشعرُ بالخجل.
لا أستنكر في طفولتي حين كنتُ أعانقُ حذائي الجديد وجوربي الأبيض، لكنّ عقلي الآن يشمئزُّ من تقييم شخص على أساس هندامه، ومستوى معيشته، ورُبَّما حين كبرتُ لم تعد العلاقة مع الحذاء إيجابية باتت عادية تمامًا أتعامل معه بشكل عملي أقتني ما كان مُريح ومناسب للمكان الذي سأرتاده.
بِتّ أتوافق مع ما قرأته مرّةً "أنَّ الحِذاء والمظلَّة هُما أسوأ إختراعين عرفتهما البشرية، فأحدهما يحجبنا عن الأرض والآخر عن السماء".
الحذاء بحدِّ ذاته سُلطة عُليا في المجتمعات الماديّة عُمومًا والعربيّة خصوصًا رغم أنَّهُ يحتلّ الجزء السفلي فيما يرتديه البشر لكنَّهُ يُحدّد مَكانتهم الإجتماعية في جُغرافية الإحترام الإنساني، هُناك أحذية تحظىٰ بنوع من القداسة كحذاء الشيخ والخوري ولاعب كُرة القدم وضابط الجيش؛ فلا عجب أن تجد في إحدىٰ المظاهرات أحد من عامة الشعب يُقبّل "البيادة"، ويضعها فوق رأسه، أعذرهُ فهذه عقدة ورثها منذ الصغر.
مُحالٌ أن تبني أجيالنا الوطن، وأحلامها تُصاغ علىٰ قياس الأحذية، تجهل التمييز بين أيُّهُما أكثر جمالًا وإغراءً، وقع حذاء عارضة الأزياء أم حذاء عامل النظافة الذي يتسخ في سبيل توفير بيئة نظيفة وآمنة لنا.
رجاءً من كل الآباء والأمهات الذين يشترون أحذية جديدة لأطفالهم، أحضروا لهم ما يناسب إمكانياتكم الماديّة سواء كان غالياً أو رخيصاً أو حتىٰ حذائهُ القديم نظّفوهُ، ارسموا البهجة والسعادة على وجوههم لكن لا تنسوا أن تقتربوا من طفلكم وتقبّلوه، وَتهمسوا في أُذنِهِ الصغيرة أنَّ قدميك أغلىٰ من أيّ حذاء، خطواتك نحو النجاح أهم، ليسَ المُهم أن يكون الحذاء أنيقًا المهم أن تكون قدماكَ طاهرة وطريقُك مُستقيم؛ دعوهُ يَنمو على منطق هذه الكلماتّ، انبذوا من قاموسهِ عِبادة الأحذية.
آيات عبد المنعم
القاهرة ١٣/ ٩/ ٢٠١٩
Post A Comment: