حكم طلاق المخطوبة ؟؟!! | بقلم أ. د / روحية مصطفى أحمد الجنش - أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
سؤال وجواب
السؤال : أنا مخطوبة ولكن خطيبي أشهد الجميع أني زوجته ، وأشهد الله على ذلك ، ولكن لا يوجد عقد ؛لأن أبي رفض ذلك ، وقد حلف علي بالطلاق ثلاثا ، وأن أكون محرمة عليه ليوم الدين إذا فعلت أمرا ما ، وقد فعلت هذا الأمر ، فهل يقع الطلاق وهل أنا محرمة عليه ؟
الجواب : أقول وبالله التوفيق :
أولا : الخطبة مجرد وعد بالزواج لا يلزم الوفاء به وإن كان يُستحب ذلك إذا توافقت النفوس ولم يوجد سبب وجيه للعدول عنها .
ثانيا : الرجل والمرأة في فترة الخطبة أجنبيين لا يحل لهما أمراُ كان محرماً قبل الخطبة ، وإنما التعارف في نطاق الضوابط الشرعية التي تحفظ الأسرة من أن تُنتهك محارمها .
ثالثا : لا يترتب على الخطبة أي أثر من آثار عقد الزواج وخاصة صحة وقوع الطلاق ؛ لأن من شروط صحة الطلاق أن تكون المرأة محلا له ، والمرأة تكون محلا لوقوع الطلاق بالعقد عليها لا قبل ذلك .
رابعاً: ليعلم الخاطب أن البنت طالما كانت في بيت أبيها فهي مسؤلية الأب والإخوة ، ولا يحق له أن يُمارس عليها سلطة الأمر والنهي وهي في ضمان أهلها ورعايتهم ، وطالما أحسن الاختيار فسيُحسن أهلها الحماية والرعاية ، وحينما تنتقل إلى بيته له أن يمارس حق القوامة ولكن بالمعروف دون إجحاف أو ظلم .
وبناء على ذلك نقول :
1- أركان عقد الزواج جملة هي الصيغة ( الإيجاب والقبول ) ، والولي ، والشاهدان ، والإعلان ، أما مايدعيه الخاطب من أنه أشهد الله تعالى وبعض الناس على أن خطيبته أصبحت زوجته أو أشهد بعض الناس إذا مسأله أحدا عن العلاقة التي تربطه بهذه البنت فيقول زوجتي ، كل هذا لا محل له من الإعراب ، ولا يُثبت زوجية إلا عند التقاضي حسبما يتوافر لدى قناعة القاضي من مسوغات ، وبخلاف ذلك فهي أجنبية عنه وليست محلا لوقوع الطلاق أو غيره على ماذهب إليه جمهور أهل العلم .
2- قول الخاطب لخطيبته علي الطلاق بالثلاثة إن فعلت كذا ، لا أثر له ، لأنه حلف على أجنبية ، والطلاق لا يكون إلا بعد الزواج لا قبله لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ ) الأحزاب 49، ولم يقل سبحانه إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن ،ولقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ).المجادلة آية 3 ، أي زوجاتهم ، ولقوله صل الله عليه وسلم : " لا نذر لابن آدم فيما لا يملك .....ولا طلاق له فيما لا يملك " الترمذي بإسناد حسن صحيح ، وقد وقع الإجماع على عدم وقوع الطلاق الناجز على الأجنبية فمن باب أولى المعلق على شرط ، وليس معنى ذلك أنه يُيباح له قول ذلك بل يأثم وعليه التوبة وليس عليه كفارة يمين في الراجح من خلاف العلماء .
3- أما قوله لها أنت محرمة علي إلى يوم الدين إن فعلت كذا فلا تحرم عليه على الراجح من أقوال أهل العلم ، ويأثم لتحريم الحلال لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) التحريم 1 .
وأخيرا أقول : على كل خاطب أن يتقي الله في مخطوبته ، ولا يجعل لفظ الطلاق أو التحريم لقمة سائغة على لسانه ، فإذا كانت هذه أخلاق الرجل في الخطبة فماذا يحدث بعد الزواج .نسأل الله تعالى الهدية والصلاح لشبابنا وبناتنا . والله تعالى أعلى وأعلم .
Post A Comment: