انكسارات روح | بقلم الأديب السوري / عبد الكريم سيفو
انكسارات روح | بقلم الأديب السوري / عبد الكريم سيفو |
لا تبعْ وهمكَ للريحِ ..
ولا تبكِ الضحايا
فسلال الوقت ملأى بالفراغ المرِّ ..
والأحلام قد صارت حصاداً خاسراً
والأفْق مفتوحٌ على موتٍ بطيءٍ
وغدونا في بحار الصمت ..
نجترّ الحكايا
عمرنا أكذوبةٌ كبرى
وتاريخ الفتوحات مليء بصراخات الثكالى
والسبايا
لم نزل نصرخ : وامعتصماه اليوم ..
ما ردّ جواباً
لم نعُدْ نحسن مدَّ الصوتِ ..
خانتنا النبوءاتُ فعدنا
لحليب النوق نستجدي العطايا
مالحٌ هذا المدى الموبوء باللاشيء ..
أين الأغنيات الآن ؟
بل أين نداري حزننا ؟
فالدرب سارت ونستنا
لم نعد إلّا بقايا للبقايا
لم نكن ندرك رغم البرد أنّا
كلنا سِرْنا عرايا
ونسينا في خضمّ الموت ..
أن نكتب للآتي وصايا
أيّهذا القادم الممتدّ من روحي إلى روحي ترجّلْ
خانني الشيب , وغامت كل رؤيايَ ..
وما في غابتي طيرٌ يغنّي
فاسترح في لجّة الموت , وقل لي :
هل لنا في عتمة القبر خَطايا ؟
نحن جيل الخيبة الكبرى
وكم كنّا بغايا
حين صدّقنا غيوم الصيفِ ..
أو حين امتطينا لخيول الوهمِ ..
كنّا مثل دونكيشوتَ في حرب طواحين هواءٍ
وخسرنا !!
لم نكن ندرك أنّا لم نحاربْ
غير حزنٍ كربلائيٍّ بآلاف التكايا
نحن صفّقنا , وردّدنا الأناشيدَ ..
بنينا فوق رملٍ ناطحاتٍ
وجرينا خلف أوهام سرابٍ
ليتنا يوماً علمنا أننا صرنا شظايا
وبنينا للشعارات قصوراً
وقبضنا الريح عمراً
آه ما أقسى السقوط الحرَّ ..
في أرض الزوايا
حلمنا الورديّ أدمته سياط القهرِ ..
في عتم زنازينَ بنيناها سويّاً
عندما أربكنا الفجر ..
فضيّعنا طريق الشمس نحو البحرِ ..
ما كان سوى القرصان في المرسى
وعدنا مثلما كنّا حفاةً , وعرايا
_ هل لنا فسحة وقتٍ ؟
_ لم يعد ينفع ..
فاتتنا القطارات , وحلّ الليل فينا
_ علّنا نكتب للآتين شيئاً
_ لا تحاولْ , صوتنا بعناه للريح , وما الريح وفياً
لا تعدْ يوماً لحسنٍ في النوايا
_ ربما نختم حلماً
_ ملّنا الحلمُ , وهذا القبر مفتوحٌ لأحلامٍ خفايا
يا أنا المهزومُ ..
هل تشفع آلامٌ لشيخٍ هرمٍ ؟
ما كان إلّا ممسكاً بالحرف سيفاً
حين أغرته المرايا
وجعاً أهطل في كل دروب العمر ..
ما زلتُ أغنّي قلِقاً من عتمة الليلِ ..
وما زلتَ أيا حزن ورايا
يا أنا المقتولُ قل لي :
هل أنا ما زلتُ سيفاً خشبيّاً ؟
وبكاءً مالحاً في الحلْقِ ..
أم أني سرابٌ ؟
أم أنا وهمٌ كآلاف القضايا ؟
لم تجبْني يا أنايا !!!!
Post A Comment: