التِّيهُ بَينَ مشاعرِي والعَقلانِيَّة.| بقلم الكاتبة اللبنانية / جيهان محمد لويسي


التِّيهُ بَينَ مشاعرِي والعَقلانِيَّة.| بقلم الكاتبة اللبنانية / جيهان محمد لويسي
التِّيهُ بَينَ مشاعرِي والعَقلانِيَّة.| بقلم الكاتبة اللبنانية / جيهان محمد لويسي


اليومَ أتممتُ الثلاثةَ أَشهُرٍ في مكتبي هذا، إذ بدأتُ العملَ كَمُدرِّبَةِ مهاراتٍ حياتيّةٍ. والغريب، أنِّي أجهلُ ترتيبَ حياتي الشخصيّةِ فَكَيفَ أُرَتِّبُ حياةَ الناسِ وتصَرُّفاتِهم؟! الله وَحدَهُ يعلَم! 

رأيتُ كثيرًا منَ الناسِ مُندَفِعَةً للفكرَةِ والتجربةِ في العامَينِ المنصَرِمَين بعدَ انتشارِ الكثيرِ منَ المدرِّبينَ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ، وَقد زارَ مكتبي المتواضعَ كثيرٌ من الأشخاصِ بأعمارٍ مُتفاوتةٍ، لكن اليوم ... 

اليومَ زارتني صبيَّةٌ جميلةٌ جذابةٌ في السنةِ الثالثةِ مِن عقدِ عُمرِها الثاني، تُخفِي ملامِحُها كثيرًا مِنَ التعبِ، وحينَ بدأنا بالحديثِ معًا بدأَت بالبَوحِ لي: 

" معَ كُلِّ ما مررتُ بِهِ وما أنا فيهِ مِن تعبٍ، أنا أحترق! لقد أجهضتُ منذُ ثلاثةِ أيامٍ، لقد أسقطتُ طفلِيَ الأوَّلَ، خسِرتُ نفسي ونَظرتِي لِذاتي واحترامِي لبُطولاتِيَ المُنصَرِمَة. لم أكُن أتخيَّلُ يومًا أنَّ وجعًا سيستقِرُّ بِقَلبي جَبلًا راسِيَا، جبلًا يقضي على أنفاسي! عُدتُ للديارِ، حيثُ الهدوء، لكنَّ ضجيجَ أفكاري وحريقَ مشاعري بداخِلي يجعلاني أنهارُ تمامًا، تمامًا كَمبْنًى هُدِمَت أساساتُه! 

لم أستطِع إبقائَهُ أكثر من تلك المُدَّة! لقد أخبرَتني طبيبتي وُجوبَ إجهاضِ الجنينِ قبل الأسبوع الثاني عشر، أَي ما يُقاربُ الثلاثةَ أشهُرٍ. كُنتُ أشعرُ الطفلَ داخلِي وكأنَّهُ قِطعَةً مِن قلبي، قِطعَةً لطالما تشاطَرنا الأحلامَ سَوِيًّا، لكنني لم أستَطِع تحقيقَ أَيِّ شيءٍ مِنها! 

كان يُواسي حُزني ليلًا، لكنني تخلّيتُ عن روحي حينَ أسقَطتُه، وَيلاه، كابوسُ الأمومَةِ سيَقتِلُني !

لعلَّ روحَ ملاكي تغفِرُ لِي هذه الشّناعة، وتكونَ لِي يوْمًا ملاكِيَ الحارس... " 

لم تُكن تلكَ السيِّدةُ قادرَةً على إخباريَ المزيدَ، فَقَد أهلَكَتهَا الخَطِيئَة! 

لم أعرِف ما عليَّ فِعلُهُ آنذاك، أَأُوَبّخَها أَم أَجبُرَ خاطِرَها، لم أدرِ! 

على اعتقادي أنَّ مشاعرَ الزائرينَ هذه ستَقتُلني مِن فرطِ التفكير..





Share To: