مناجاة روح | بقلم الكاتبة اللبنانية/ نسرين حرب
و تسأل الموؤودة بأي ذنب يهيلون على طفولتها الدمار ، و على وجهها الواضح كالشمس الرماد ، في أي سبيل يقتلوننا نحن الابرياء؟! تتساءل "روح" : ربي لماذا أخذوا مني لعبتي و استبدلوها بوجبة طعام مزيفة لا طعم لها لونها أصفر كسحنتهم و منها تفوح رائحة الخبث ؟! لماذا يكرهون الطيبين ؟! أعلم أنهم يقيمون موائدهم على حرماني و يحتسون نخب دمي .
أنا لا أريد منهم شيئاً ، لا لعباً و لا غذاء و لا أريد كسوة بالية تلف شتاء قلبي الذي يرتجف من البرد و الألم . تزيده صقيعاً و غربة . و لا أريد من قاتلي كفناً ؛ هم يقتلوننا و يمشون في جنائزنا . لا أريد أن أرى وجوههم المتجمدة في قوالب إسمنتية مسلحة ، وحسب . إني كمريم أُرزق بغير حساب .
و تتضرع "روح" : أنا لا ريد منهم شيئاً . أنا أريد منك أنت يا رب . أعدني إلى بيتي و أمي و أبي و إخوتي و أصدقائي و جيراني و مدرستي و حيي و صباحي ، لقد انتبهت فجأة و لم أجد منهم أحداً ، ظللتُ وحدي غريية جداً و رغم النار التي تحرق كل شيء حولي و فيَّ ، إلا أنني أعذَّبُ بالزمهرير ! رُدَّ أحبتي إلي يا رب ، أو أرسلني إليهم كشعاع شمس منبعث و لكن هذه المرة من الأرض إلى السماء فقبل أن يخرجوني من تحت الأنقاض راودني حلمٌ أن السماء موطني ، و الملائكة تطير و تصعد بي فوق مقبرة الموت و تقول لي لا تخافي ، لا تحزني يا "روح الروح " إن الله معنا و تشير إلى قلبي الصغير تطمئنني : " ألله هنا في قلبك الطاهر " !
أللهمّ ، تقول "روح " : أريد أن أعلم ، إن كان طريق الحرير يمر على رفاتي فإني أبث إليك شكواي ، فلقد تعبت من تنقيبهم عن كل شيء تحت قدمي ، و تفتيشهم كفي . يحسدونني على الكعكة التي في يدي و يطمعون فيها على امتلاء كروشهم و جيوبهم . هم لا يرونني أصلاً يقولون أني (رقم ) ! لكن ، أتعلم يا رب ، إنه و إن كان لا بد أن يمر الأحبة على هذا الجسد البالي في طريقهم للقدس يعني في طريقهم إليك فإني لا أبالي ، وكلي لهم الفداء .
آه يا إلهي اللطيف ، فقط أعِنّي كي أحبك أكثر . في حبك كل شيء يهون !
نسرين حرب
8/12/2023
Post A Comment: