احك يا شكيب : حكاية سينما أوبرا سلا تابريكت | بقلم /الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : حكاية سينما أوبرا سلا تابريكت | بقلم /الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير |
كنا صغارا و كانت السينما تستهوينا بما للكلمة من معنى ، كان التلفاز هو ملاذنا و لم يكن يشف غليلنا لأن وقته كان محدودا في الزمان و لا وجود لقناة ثانية سوى قناة واحدة بلون أبيض و اسود ، و حتى الفترة الزمنية كانت محدودة تبتدئ من السادسة مساء إلى حدود منتصف الليل أي الساعة الثانية عشرة ، بمعنى أن ولوج قاعة السينما كان هو حلم كل واحد من جيلي ، مع قلة ذات اليد ، فكنا نجتهد لجمع دريهمات لنحظى بفرصة حجز تذكرة ، بها نتمكن من مشاهدة فيلمين ، و غالبا يكون فيلم هندي و آخر صيني ، كانت ساعات البث في عرضين :،الاول يبتدئ من الساعة الثالثة مساء إلى غاية الساعة السادسة مساء ، و العرض الثاني لنفس الفيلمين يبتدئ من الساعة السادسة إلى غاية الساعة الثانية عشرة ليلا ، و هذا العرض لم يكن مسموحا لنا به لصغر سننا و للمخاطر التي يمكن أن تعترضنا ليلا ، منها تعرضنا لملاحقة اللصوص لسلب ما معنا من دريهمات أو لباس، و في كثير من الاحيان التعرض للضرب المصحوب بجروح على مستوى الوجه ، أو نتعرض للاعتقال من طرف رجال الشرطة " لاراف " سيارة الأمن التي كنا نطلق عليها هذا الاسم أو اسم " الواشمة" فكنا نختار العرض الاول تفاديا لما لا يحمد عقباه ، و حتى هذا الاختيار كان مرفوقا بمخاطر منها ، انك ان اردت الحصول على تذكرة ، فلابد لك من الذهاب مبكرا أي بساعتين قبل البث ، لتنخرط في طابور طويل يحرسه شباب معروفين بشراستهم و عدوانيتهم يحملون عصيا أو " سمطة " مصنوعة من الجلد ، أو " كروا " تستعمل في ميكانيزم الدراجات النارية ، يضربوننا بها ان خرجت أرجلنا عن الصف ، و رغم كل ذلك كنا نتحمل ذلك العذاب لسبب بسيط هو مشاهدة العرض الاول فيلم اول و بعده نخرج لفترة قصيرة تسمى " لونطراك" لشراء وجبة خفيفة تسمى" معقودة" ربع خبزة و بطاطس مدعوقة و طماطم عبارة عن خلطة تمزج مع البطاطس ، و نعود بعدها لمشاهدة الفيلم الثاني ، و كم كانت فرحتنا كبيرة عندما كنا نحظى بهذا الشرف ، ضرب ورفس من طرف بلطجية يشغلهم صاحب قاعة السينما و عندما نأتي متأخرين فلابد لك من زيادة سنتيمات تمنحها للسيدة تحمل بيدها جهازا يسمى "پيل " أو انك ستتعرض للسب من طرف المشاهدين الذين يكونون مندمجين في مشاهدة الفيلم ، نعم كنا سعداء بتلك اللحظات رغم ما كان يصاحبها من ألم ، و عند المساء نخرج للحي لنفتخر بإنجازنا و هو مشاهدة فيلمين بسينما حينا تسمى سينما أوبرا و نبدأ في عرض الوقائع و أبناء الحي ملتفون حولنا و نحن نعيش لحظات الخيلاء و الاعتزاز لأننا كنا محظوظين بما شاهدنا
هنا تكون حكايتي قد انتهت و في انتظار حكاية أخرى أترككم في أمان الله
محبكم ذ شكيب مصبير
Post A Comment: