الضمان | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
الضمان | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن |
السلام عليكم ،
الضمان :
يتحدث الكثير من البشر عن الضمان كضمان إتمام صفقة تجارية من عدمه ، النجاح في عمل معين من عدمه ، إمكانية تخطي عقبة بعينها من قلتها ، والكثير من الأمور الأخرى في حين أنهم لا يقفون أمام الضمان الأعظم وهو ضمان العيش لليوم التالي لتحقيق أي من تلك الإنجازات التي يحلُمون بها ، فهم ينظرون لبضع خطوات أمام أرجلهم ولا ينظرون للمدى البعيد فيخسرون كل شيء في المقابل بلا قدرة على تعويضه أو إيجاد البديل ، فهناك أشياء لا يُجدي معها شيء فلا خُطط تنفع ولا أفكار تُنفَّذ فهي خارج إطار سيطرتنا أو قدرتنا فلا بد أنْ نعقل ونتريث قبل أنْ نضع كل تلك الثقة في تَحقُّقها لأن الوصول لمثل تلك الأمور ليس بأيدينا على الإطلاق ، فيجب أنْ نجعل خططنا محدودة النطاق إنْ كنا قادرين على التخطيط أو مِمَّن يتمكنون من وضع استراتيجيات قصيرة الأجل على أقل حال فلا يهيمون بخيالهم الشطط حتى لا يصطدمون بواقع مرير لا يتمكنون من التَكيُّف معه أو يتوافق مع طموحاتهم فيُدمِّر لهم كل تلك الآمال العريضة التي كرَّسوا جهودهم وأفنوا أوقاتهم فيها بلا رجاء ، فكل خُطط المرء قد تبوء بالفشل إنْ لم يدرك أنه غير قادر على تنفيذ كل ما يدور بذهنه أو تحويله لواقع ملموس يحياه بكل ثقة ويقين ، لذا فلا عليه أنْ يُعلي سقف توقعاته حتى لا ينهدم على رأسه ويُميته في الحال بلا قدرة على الإفاقة مرة أخرى ، فليست كل الأحلام مُحقَّقة وقد تتحول لكوابيس إنْ لم يَقْنع المرء بأن للكون نواميساً تُحرِّكه فهو لا يسير بإشارة منه كما قد يتخيل أو يتوقع أو يتمنى ، فلكل شيء إطار أو بؤرة محددة لا يمكن الخروج منها أو أنْ تشطح خارجها حتى لا تتفاجأ بأمور قد تُودي بك للهاوية التي لا ترغب في الوصول إليها ذات يوم ، فيجب أنْ تعرف قدرك وحدود ترتيبك وقدرتك على تدبير الأمور وإنْ كانت ضئيلة في حجم قبضة يدك أو عقلة إصبعك إذا ما قورنت بقدرة الله ، فلا يخدعنَّك خيالك لتَصوُّر أشياء محالة التحقُّق سوى بإرادة الله وحده القادر على إحيائك أو معرفة متى يحين أجلك الذي يُحيلك عن ضمان تلك الأمور التي تحاول التشبث بها بكل طاقتك وكأنها صارت بحيازتك بالفعل ، فلتهدأ وتتريث قليلاً قبل البدء في أي شيء واستعن بالله وتوكَّل عليه وادعوه أنْ يُكمِله لك على أتم شكل تريده حتى لا تُعاقَب بحرمانك منه للأبد بفعل ثقتك المبالغ فيها الغير معقولة أو مبرَّرة على الإطلاق وكأنك المتحكم الأول في تسيير أمور الكون ومنح البشر ما يرغبون ....
Post A Comment: