مودة ورحمة لا ضرب ولا إيذاء | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات


 

مودة ورحمة لا ضرب ولا إيذاء | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات
مودة ورحمة لا ضرب ولا إيذاء | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات


 

==================

حرصت شريعة الإسلام على الكيان الأسرى ووضعت له كل الضوابط والتدابير اللازمة لحمايته والمحافظة عليه من بداية الاختيار إلى لحظة التفكير في الفراق، فدعت أتباعها إلى حسن الاختيار من الطرفين، فأرشدت الرجل الي الفوز بذات الدين والخلق ولا يمنع ذلك أن يراعي فيها المال والجمال والحسب، فإن اجتمعت الأربعة فبها ونعمت وإلا فيكفي بعضها مع الدين، وإلا فالدين والخلق يكفي طالما كان هناك قبول، وأرشد المرأة إلى صاحب الخلق والدين؛ لأنه إذا أحبها أكرمها وإن كرهها لن يظلمها، كما رتب حقوقا وواجبات على الزواج ودعي الرجل والمرأة إلى مراعاتها لتسير سفينة الأسرة إلى بر الأمان، ولكن من شأن اختلاف البشر في العادات والتقاليد والطبائع والمسؤليات الملقاة على عاتق الزوجين أن ينشأ بينهما مامن شأنه أن يعكر صفاء الحياة الزوجية، والشريعة لم تغفل عن هذا الجانب، بل وضعت له طرق العلاج الناجعة، ومنها الصبر الجميل من الطرفين ، و المعاشرة بالمعروف من الطرفين ، والوعظ من الطرفين وهو التخويف بالله تعالى وشماتة الأعداء، والتذكير بالأسرة والأولاد ومستقبلهم ، كما يستحب أن يبرها بشيء يستميل به قلبها وهي كذلك ، والوعظ نافع إذا جاء في الوقت المناسب وبالقدر المناسب فالوعظ في التقويم كالسم في الدواء قليله يفيد وكثيره يقتل الشعور والاحساس، فإن لم تقم هذه الوسيلة بالإصلاح ينتقل الزوج إلى الهجر في المضجع فقط لا في الكلام ولا في البيت أمام الأولاد أو الأهل أو الأجانب ، ولا يزيد على ثلاثة أيام، فإنها المباحة بين المسلم وأخية، فالزوجة من باب أولي، وهاتين الطريقتين مع زوجة تحب زوجها وأولادها وبيتها وتخاف الله تعالى  ناجعة بأمر الله تعالي، فإن استمرت الزوجة في عنادها وتركت القيام بحقوق زوجها بغير حق فقد أرشد القرآن الكريم الزوج  الانتقال إلى علاج داخل الأسرة قبل إعلان الأمر إلى أهله وأهلها هو التقويم بالضرب الغير مبرح  كما ذكر ذلك أهل العلم وقالوا المراد به العتاب بالسواك ، فكما أن للسواك أثر ناجع في إزالة درن الفم فضلا عن أنه يرضى الرب ويعجب الملائكة ، فلا نستبعد أن يكون فيه شفاء في إزالة درن العشرة، وهو مافسر به ابن عباس رضي الله عنه قوله ( واضربوهن) قال بالسواك ونحوه، وفي  رأيي أن الإرشاد إلى السواك أقرب إلى الصلح والملاطفة منه إلى الضرب  وهو عندي مثل من تنصح صديقتها نصيحة في موضوع ما كأن تقول لها مثلا لا تفعلي هذا الأمر ، وقد تخاصمها لخوفها عليها،  فلم تسمع نصيحتها وفعلت مانهتها عنه ، فتأتي الناصحة الأمينة وتضربها على كتفها ضرب عتاب وتقول لها ألم أقل لك لا تفعلي كذا ( و بالعامية الدارجة مش قولتلك) ، ففعلها وإن أطلق عليه ضرب مع خفته ولطافته فهو بمثابة العتاب وإيقاظ الشعور لا الايذاء ، لذا حينما فهم بعض الصحابة رضوان الله عليهم الأمر في الآية على غير وجهه الصحيح وتركوا الوعظ والهجر وانتقلوا إلى الضرب، والضرب المبرح ، غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :(ليس أولائكم بخياركم خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم؛ لأهلي) ،البخاري والخيرية للأهل تقتضي الصبر وعدم الايذاء، بل زاد النبي صلى الله عليه وسلم الأمر وضوحا، حيث تعجب من حال زوج يجلد زوجته جلد العبد ثم يجامعها آخر النهار، البخاري ففي هذا الحديث استبعاد وقوع الأمرين من العاقل وهما اجتماع الضرب والعناق في آن واحد ، فالعلاقة الزوجية تكون مع ميل النفس والرغبة في العشرة والمجلود غالبا ينفر ممن جلده، فوقعت الإشارة في الحديث إلى ذم الضرب  مطلقا 

، بل أوضحه صلى الله عليه وسلم أكثر بسنته الفعلية حيث لم يضرب امرأة قط ولا خادما . مسلم،  وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنه لا ضرب ولا إيذاء بل مودة ورحمة،  فمن كان متأسيا فاليتأس برسول الله صلوات ربي وسلامه عليه.




Share To: