حكم استعمال المرأة أدوية لمنع الحيض من أجل الصوم في رمضان أو غيره | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


حكم استعمال المرأة أدوية لمنع الحيض من أجل الصوم في رمضان أو غيره | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش
حكم استعمال المرأة أدوية لمنع الحيض من أجل الصوم في رمضان أو غيره | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش

 

أجمع الفقهاء رحمهم الله على أن الحائض لا يجب عليها الصوم ولا يصح منها، وأن الحيض أثناء الصيام مفسد للصوم وموجب للقضاء.

والحكمة في هذا الحكم : أن خروج دم الحيض يضعف البدن أثناء الصيام، فتحتاج المرأة إلى الأكل والشرب ليتقوى به البدن ولما كان الحيض عند المرأة قد يصادف أزماناً فاضلة فلا تستطيع الصوم، فقد تلجأ إلى تناول ما يمنع حيضها، لرغبتها في صيام شهر رمضان مع الناس، والصلاة فيه، أو إدراك ما ندب إلى صيامه، كيوم عاشوراء، وعرفة، أو يكون لديها قضاء أيام كثيرة من رمضان، تصومها في شوال ولا يمكن لها الجمع بين قضائها وصيام ستة من شوال إلا بدفع الحيض.

واتفق الفقهاء على أن الصيام الذي صامته المرأة أثناء ارتفاع الحيض بالعقاقير صحيح، وأنه لا قضاء عليها ؛ وذلك لأن المرأة يحكم عليها بأنها حائض لوجود دم الحيض، فيزول الحكم إذا زال سببه، فإذا ارتفع هذا الدم بهذه العقاقير، فإنه يحكم عليها بأنها طاهرة لزوال هذا الدم؛ فلا قضاء عليها.

وتناول دواء لمنع الحيض معروف منذ القدم بحسب المعارف المتاحة في كل عصر، وفي العصر الحديث  ظهرت طرق طبية تمنع نزول دم الحيض ومن أهمها: أقراص منع الحيض: وهي عبارة عن حبّات تؤكل بالفم تتركب من هرمون البروجسترون، وطريقة عملها  يمكن تلخيصها في أن سبب نزول دم الحيض نقص هرمـون البرجسترون المحفـز لبطانـة الرحم لتنمو وتزيد سماكتها لاستقبال البويضة الملقحة، فإذا لم يحصل التلقيح يقل إفراز هذا الهرمون، ويصبح غشاء بطانة الرحم بدون سند هرموني، لذا ينسلخ وينفصل عن الرحم وينزل على شكل دم الحيض وبما أن هبوط مستوى هرمون البروجستون هو المسؤول عن نزول الحيض، فإن استقرار مستواه عامل مهم في عدم نزول الحيض، فلذلك يُعطى هذا الهرمون على شكل أقراص تؤكل بالفم ليمنع من هبوط مستوى البروجسترون في الأوعية الدموية وهذا بدوره يمنع نزول الحيض.

وهرمون البروجسترون المأخوذ على شكل أقراص لمنع الحيض يُعد آمن الاستعمال إلى حد كبير وسلبياته قليلة ومؤقته تزول بانتهاء الاستعمال، ولكنها قد تسبب اضطراباً للحيض بشهادة أهل الاختصاص  .

وقد اتفق الفقهاء رحمهم الله على أن إدخال الضرر إلى الجسم لا يجوز مستدلين على ذلك بنصوص من الكتاب منها قوله تعالى: {... وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ...} ( البقرة 195 ) وقوله: {... وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ... } (النساء  29 )، فإذا كان منع الحيض بدواء يتحقق معه لحوق الضرر بالمرأة فإنه لا يجوز؛ وذلك لأن من الأصول المقررة في الشريعة حفظ النفس وعدم إدخال الضرر عليها ، ومن قواعد الشريعة " لا ضرر ولا ضرار " و " ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح " .

وأما إذا لم يترتب على تناولها ضررا محقق بالمرأة فلا حرج فيها إذ الأصل الإباحة. والله تعالى أعلى وأعلم




Share To: