عطاء الأمهات | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


عطاء الأمهات | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
عطاء الأمهات | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



 السلام عليكم ، 

عطاء الأمهات : 

إن الكلمات لتعجَز عن وصف الأم ، فهي المبتَدأ لكل تصرف يقوم به الطفل ، المُقوِّم لكل سلوكياته ، المُنظِّم لكل حركاته ، المُساهِم فيما ينتهجه ، المُحافِظ على خُلُقِه من الانحطاط ، الأكثر درايةً بمصالحه ، الأكثر علماً بما يُناسِبه ، القادرة على توجيهه وإسداء النُصح إليه ، إنقاذه قبل السقوط في الأخطاء ، إلقاء اللوم عليه إنْ أَذنب ، فهي تَحمِل الجانب القاسي واللَّين وتقوم باستخدام أيهما كيفما يحتاج الطفل لذا لن تجد مَنْ يُقدِّم لك كل تلك العطاءات دون توقف أو شُح سواها ، فلن تبخس عليك بكلمة أو نصيحة أو حتى توبيخ ذات يوم ، ولن تحظى بشخص يخشى عليك تقلُّبات الحياة سواها مهما سِرت في أزقة الحياة وضواحيها المختلفة ، فهي اليد الحنونة التي تُربِّت على كتفك وقت الضيق وتفهمك وقتما تتلعثم في الكلام أو لا تَجِد ما تبوح به ، تدرك مَقصِدك دون أنْ تتفوه ببنت شفه ، تُطيِّب خاطرك وقتما تضيق بك الحياة ذِرعاً ، لن تجد مَنْ يحتويك سواها وقتما تقع في أي ضائقة مادية كانت أو معنوية ، لن يَفُك شَفرتك سواها أو يفهم كُنهك وطبيعة شعورك في كل وقت وحين ، فهي الشخص الوحيد الذي يضحي بحياته من أجل أنْ تعيش سعيداً دون أنْ يعتريه الندم ولو للحظة لذا عليك أنْ تحاول رد الجميل وقتما يحين الوقت لذلك أو تَبلُغ أمك من العمر عتياً من خلال كونك ليناً باراً بها غير نافر من الحديث معها أغلب الوقت كي لا تُعَاد عليك تلك الأيام ، فالأيام دُول وكما تُدين تُدان فسوف تُعامَل بمعاملة أقسى من تلك في مستقبلك إنْ لم تُحسِن لأمك وتحاول التفاهم معها ولو لم تصل لحلول تُرضِيك أو تُريحك ، فالنقاش قد يُذيب حبل القطيعة قبل أنْ يتعقد ويَصعُب فَكُّه ، فكل أمر في تلك الحياة له حل مهما بَدا مستعصياً في بدايته ولتدرك أن والدتك لن تُريد سوى صالحك في نهاية الأمر ولتبنِ كل تصرفاتك بناءً على ذلك ولن تعاني الشقاء ما حَييت ، فتلك نصائح ثمينة لكل الأبناء ومن بينهم ذاتي فوَجَب عليّ التنويه قبل فوات الأوان وانقضاء العمر في خِصام وعَداء لا معنى لهما فهما يُفقِدان الحياة بريقها ويجعلان المرء وحيداً مهما زادت معارفه ، فالأم واحدة لن تتكرر أو يأتي الزمان بمثيل لها ، فلا تَكُن عاقاً بها حتى لا تُعاقِبك الحياة بدروسٍ لن تتمكن من تحمُّلها أو التَملُّص من عواقبها الوخيمة التي لَحِقت بك إذْ تظل عالقةً بذهنك مهما انجلت ، فكُنْ معتدلاً في كل شيء حتى تَهِبك الحياة ما تُريد وتكون عادلةً معك ...




Share To: