تسخير قوى الإنسان | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


 

تسخير قوى الإنسان | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
تسخير قوى الإنسان | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


 السلام عليكم ، 

تسخير قوى الإنسان : 

الإنسان كائنٌ ضعيف مهما بلغ جبروته واعتلى أرفع المناصب أو ظهرت قوته في بعض المواقف ، فهناك مواقف أخرى قد تهده ، تعصف به ، تعتصره ، تقتلعه من جذوره ، تهز كيانه فترتج أجزاؤه ويقع صريعاً أمامها غير قادر على الحِراك أو اتخاذ أي تصرف سليم حِيالها ، فلا عليه أنْ يغتر أو يتفاخر بقوته فهي في الأصل لا تخُصَّه وإنما هي هبة من الله قد بثها داخله كي تحميه وتُنقِذه في بعض الأوقات فبدلاً من أنْ يُحسِن استغلالها استخدمها بشكل خاطئ فتجبَّر وطغى وعَاث في الأرض فساداً ونشر الظلم في كل مكان دون أنْ يشعر بالذنب أو تأنيب الضمير ذات لحظة يتراجع فيها عن كل هذا الطُغيان والبغي ، فالقوة الحقيقية هي قوة الله التي يزرعها في الخلق ويُوزِّعها بينهم بنسبٍ متفاوتة على أنْ يتحكَّموا في تلك المِنحة قبل أنْ تطغى على شخصياتهم وتتمكَّن منهم وتُورِّطهم في مشكلات جمَّة لا حصر لها ، فتلك القوة هي حب من الله للعبد يمنحه إياها من أجل أنْ يعلم أنه قادر على سَلْبِها منه إنْ استخدمها على نحو غير مشروع ولم يجعل لها حداً ، فقوة المرء تنبع من قدرته على أنْ يكون ليناً وألا تُحيله لشخص صلب يَصعُب التعامل معه وينفر منه الجميع فهي بذلك لن تؤدي الغرض الذي وُهبَت من أجله ، فكل مِنحة من الله هي سلاح ذو حدين إذْ تعتمد في المقام الأول على شخصية المرء فإنْ كان عاقلاً تمكَّن من توجيهها في الخير ونُصرة المظلوم وإنْ لم يحاول الفَصْل في الأمور خصَّصها في الشر فتبددت منه بلا طائل وسوف يتذوق عاقبة هذا الأمر في القريب العاجل إذْ لن تضيع حقوق هؤلاء الضعفاء التي اعتدى عليها ذات يوم ، فعلى كل إنسان أنْ يعلم أن لكل شيء حدوداً إنْ تجاوزها سُلبَت منه أعظم العطايا والنِعَم التي منحه الله إياها حتى يتعلم في المرات القادمة كيف يمكنه تسخير قواه في الخير فقط دون أنْ يُحوِّلها لوسيلة لجلب الحقوق أو يستغلها وقتما يصل لنفوذ ويحمِل سلطات لأذى الغير أو الحَطِّ من قيِّمهم وإعطائهم الأوامر طوال الوقت ، فهناك وسائل عِدة لاستخدام القوى غير تلك التي يمارسها البشر فهي كغيرها من السِمات التي أنعم الله بها على عباده ولا بد من استخدامها فيما يُفيد والابتعاد عمَّا يَضُر الخَلْق بأي شكل كان ، فلم يُقصَد بها الأذى يوماً وعلَّ الإنسان يكون عاملاً بما أمره الله به حتى يرضى الله عنه ويُزيده من الخيرات والمسرَّات ...



Share To: