كل صباح | بقلم هنادي إسحق إسماعيل / كاتبة سودانية 


كل صباح | بقلم هنادي إسحق إسماعيل / كاتبة سودانية
كل صباح | بقلم هنادي إسحق إسماعيل / كاتبة سودانية 



كل صباح ..أنهض من موت البارحة ..أحمل ماسقط مني في الليل ..أحمل معطفي وقصائدي وأزرار قميصي السوداء ..

أجمع نصوصي وتعاليق أصدقائي على الفيسبوك ..ألملم أشلاء الثورة والحب ..أمد يدي الى بنادق الحرب ..ورائحة البارود ..وقلوب الجنود القتلى المرمية بساحات المعارك ..

كل صباح ..أتمسك بذيل حزني ..وأبتلع ساعة الجدار القديمة ..تتراقص عقاربها بداخلي فتتلوى أمعائي وأبق مخدرا من الألم ..

كل صباح أتجرع قهوة وخيبتين ..وملاعق حياة جميلة ..تذوب في حلقي قبل ان تبلغ جوفي ..

كل صباح أرتدي جدار بصدري ..وأمسح عن رأس قلبي بمنديل معطر ..وأقبل يد جدتي المجعدة ..

أفتح نوافذ الذكرى فتدخل زوابع الشوق ..تلفني خيوط الذاكرة ..تلتف حول رقبتي وتظفر شالا أحمر كلون الدماء ..

كل صباح مليء بالتعب ..أسافر دون أن أحزم حقائبي وأمتعتي ..، دون أن أودع أمي ..أكتفي بالتلويح للفراغ ..

وقد روحي من دبر ..

كل صباح أمثل أربعة أدوار ..أرتدي سبعين وجها وأستعير ابتسامة من الربيع ..

أملأ أقداحي سعادة وأوزعها قبل الفجر ..حتى لا يأخذ النائمون الكسالى نصيبهم من الفرح ..

تتنامي بداخلي الرغبة في دهس الملل ..

وأحاول جاهدا قتل الروتين ..واختلاس النظر للعالم من زاوية واسعة ..

انا مصاب بفوبيا القلق ..قلق مستمر لا ينقطع ..لا يصيبه التعب والضجر ..

كل صباح أبحث عن هدوء أبدي ..كالذي يأتي به الموت ..

أبحث في سلة الوجع عن أظافري القديمة ..أريد تركيبها من جديد ..لأنبش الذاكرة والجسد ..

أبحث في أكوام السواد ..عن ضوء خافت يضيء دهاليز الروح ..

كل صباح أخون فقري وفاقتي ..وأتصدق بضحكة زهيدة ..

أشتهي عناق من السماء ..وضمة أرض تختلف لها ضلوعي ..

كل صباح أفتعل مصيبة ما ..وأنسى ..أنسى أنني تخلصت من نفسي بالأمس !




Share To: