احك يا شكيب : "لقاء وزواج بعد فراق " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : "لقاء وزواج بعد فراق " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير

احك يا شكيب : "لقاء وزواج بعد فراق " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير





التقيا على غير ميعاد ، جمعتهما الساحة الطلابية حيث كانت النقاشات  محتدمة حول قضايا ذات أهمية  ، كل فرد أو تنظيم  أو حركة يدلو  أحد أعضائه بدلوه و يستعرض البعض منهم عضلاته ، و لم تكن تلك النقاشات تنتهي بسلام ، ففي كثير من الاحيان تنتهي بمواجهات تستعمل فيها الكلمات النابية و العنف المتبادل  ، و يتدخل الحرس الجامعي لفضها ، و في تلك الاجواء تعرف ياسر على ملاك التي جذبته جديتها و رزانتها و هدوءها في الحوار و احترام الاخر ، و في طرح مداخلاتها و منهجيتها التي تبين عن إلمامها و كثرة اطلاعها  ، بما تطرح من أفكار ، لأنها  كانت قارئة  نهمة  ، يبهرك تماسك أفكارها ، كما يبهرك خلاصاتها  التي تنتهي إليها ، و كان في كل مرة يختلق نقاشا من خلال ما كانت تطرح من أفكار ، ليقترب منها ، فكان يطلب منها بعد كل حوار مرجعا به يوسع مداركه التي  خلقت لديه فضولا للمزيد من الدقة و ضبط مفاهيم تعينه للوصول لما وصلت اليه رفيقته  ملاك ، و هي لم تكن تبخل عليه بما معها من كتب و مراجع  ، و كان همها إرضاء فضوله ، و مع الايام بدأت تشعر بنظراته اليها بأنها نظرات معجب بشخصها ، فسرها ذلك و بدأ إعجابها به ، لما لمسته فيه من رزانة و هدوء طبع و  حب اضطلاع و حسن أخلاق . ومن محاسن الظروف أن مقر سكناهما كان في نفس الاتجاه مما جعل فرص تلاقيهما كثيرة و متعددة  الشيء الذي معه  أصبحا  لا يفترقان ، و ذات مرة أسر لها بإعجابه بها بل أخذته الشجاعة و قال لها بانه يحبها و يريدها في مستقبل الايام زوجة ، فظلت صامتة   لا تدري ما ترد به و لا تدري كيف تتصرف و لا تدري ماذا سيكون جوابها و هي تعرف الجواب مسبقا ، و لكن الأمر غير متعلق بها فقط  بل بأسرتها كما هو المتعارف عليهم عندهم ، و تمضي الايام و الشهور بل و السنة فالتحقا معا بسلك التعليم و تم تعيين كل واحد منهما في مدينة ما ، و ظل الاتصال بينهما قائما  ، و قررا أن يتزوجا  و حدث أمر لم يكن في الحسبان ، ياسر فقد الذاكرة بسبب حادثة سير  فلم يعد يتذكر سوى اسم حبيبته ملاك  التي صدمت بسماعها الخبر ، فقررت زيارته و ذلك ما كان ، فلما رأته و رآها  بكت هي و  تبسم هو في وجهها و خاطبها باسمها ، و دهشت و ظنت انه تعافى واصبح بخير،  و لكنها صدمت ثانية لما بدأ يخوض في احاديث بشكل مسترسل و لا رابط بين كل ما يقول ، فعادت إلى مقر عملها و الخيبة تظهر على وجهها ، و تمضي الايام و السنين و ياسر بقي على حاله و ملاك قررت ان تخرج فكرة الزواج من  برنامجها،  بل  تابعت تعليمها العالي و أصبحت بعد حصولها على الدكتوراة أستاذة جامعية و من محاسن القدر ان ياسر كان يوجد بقرب ملعب كرة القدم  فرمى شاب بالكرة فأصابه بها في رأسه  مما جعله يسترجع ذاكرته و أول ما نطق به اسم ملاك ، و تمضي الشهور و كان اللقاء بعد  فراق و تمت مراسيم الزواج و رزقا بولدين ابن و بنت و عاشا حياة سعيدة 

ذ  شكيب مصبير




Share To: