يؤنسنِي كوبٌ من الشاي | بقلم الكاتبة المصرية ريهام كمال الدين سليم
يؤنسنِي كوبٌ من الشاي | بقلم الكاتبة المصرية ريهام كمال الدين سليم |
يؤنسنِي كوبٌ من الشاي كأنّه همسةٌ عاشقةٌ تتسللُ إلى قلبي، كلِّ رشفةٍ تحملُ معها بزوغَ فجرٍ من جوفِ الليلِ تغذي في أعماقي الأحلامِ التي تتوق إلى الإشراق وترسمُ في الأفقِ وعودًا تتراقصُ على إيقاعِ الأملِ القادمِ.
عندما أمسكُ الفنجانَ بين يدي أشعرُ وكأننِي أحتضنُ لحظاتٍ من الحبِّ المتجدِّدِ، حيثُ تذوبُ في كلِّ قطرةٍ قصةٌ لم تكتملْ وحلمٌ ما زالَ عالقًا في الأفقِ. البخارُ المتصاعدُ يشبهُ نبضاتِ قلبٍ عاشقٍ يتراقصُ في الهواءِ بخفةٍ، كما تتهادى الطيورُ المهاجرةُ في رحلتِها الطويلةِ تبحثُ عن سماءٍ آمنةٍ تحلقُ فيها بعيدًا عن أعباءِ الأرضِ وثقلِها.
في تلكَ اللحظاتِ، يصبحُ الشايُ أكثرَ من مجردِ مشروبٍ؛ إنّه رسالةٌ من الزمنِ عابرةٌ من بين السطورِ إلى عمقِ الروحِ، تحملُ في طياتِها شوقًا خفيًّا وأمنياتٍ دفينةً. رائحةُ الشاي تلامسنِي كأنّها عطرُ حبٍّ عتيقٍ، تنثرُ حولِي سحرًا لا تدركُه العيونُ لكنه يتغلغلُ في الروحِ كلمسةٍ حانيةٍ تذكرنِي بتلك اللحظاتِ الدافئةِ التي شعرتُ فيها وكأنَّ الزمنَ قد توقّفَ ليتيحَ لي فرصةَ الغوصِ في أعماقِ الحلمِ.
كلُّ رشفةٍ تأخذنِي إلى عالمٍ خاصٍّ بي حيثُ تمتزجُ الفلسفةُ بالرومانسيةِ وتتداخلُ الأفكارُ بالعواطفِ ليصبحَ كوبُ الشاي نافذةً أرى من خلالها أعماقِي وتكشفُ لي عن أشواقٍ خفيّةٍ وأحلامٍ تنتظرُ أن تتحقّقَ. في صمتِه أحاديثٌ لا تُنطقُ وفي دفئِه لمسةُ حبٍّ لا تنطفئُ وفي هدوئِه سلامٌ يُشعرنِي بأنّ الوحدةَ ليستْ سوى مساحةٍ لالتقاءِ الروحِ بالعالمِ الذي لا يراه أحدٌ سواي.
Post A Comment: