يؤنسنِي كوبٌ من الشاي | بقلم الكاتبة المصرية ريهام كمال الدين سليم
يؤنسنِي كوبٌ من الشاي كأنّه همسةٌ عاشقةٌ تتسللُ إلى قلبي، كلِّ رشفةٍ تحملُ معها بزوغَ فجرٍ من جوفِ الليلِ، تغذي في أعماقي الأحلام التي تتوق إلى الإشراق وترسمُ في الأفقِ وعودًا تتراقصُ على إيقاعِ الأملِ القادمِ....
عندما أمسكُ الفنجانَ بين يدي أشعرُ وكأننِي أحتضنُ لحظاتٍ من الدفء المتجدِّدِ، حيثُ تذوبُ في كلِّ قطرةٍ أمنياتي وأحلامٌ ما زالَت عالقةً في الأفقِ.......
البخارُ المتصاعدُ يشبهُ نبضاتِ قلبٍ عاشقٍ يتراقصُ في الهواءِ بخفةٍ كما تتهادى الطيورُ المهاجرةُ في رحلتِها الطويلةِ تبحثُ عن سماءٍ آمنةٍ تحلقُ فيها بعيدًا عن أعباءِ الأرضِ وثقلِها.....
في تلكَ اللحظاتِ يصبحُ الشايُ أكثرَ من مجردِ مشروبٍ؛ إنّه رسالةٌ من الزمنِ عابرةٌ من بين السطورِ إلى عمقِ الروحِ تحملُ في طياتِها شوقًا خفيًّا وأمنياتٍ دفينةً......
رائحةُ الشاي تلامسنِي كأنّها عطرُ عتيقٍ، تنثرُ حولِي سحرًا لا تدركُه العيونُ لكنه يتغلغلُ في الروحِ كلمسةٍ حانيةٍ تذكرنِي بتلك اللحظاتِ الدافئةِ التي شعرتُ فيها وكأنَّ الزمنَ قد توقّفَ ليتيحَ لي فرصةَ الغوصِ في أعماقِ الحلمِ......
كلُّ رشفةٍ تأخذنِي إلى عالمٍ خاصٍ بي، حيثُ يمتزجُ الصمتُ بالتأمل وتنبثقُ من سكونِ اللحظةِ معانٍ خفيّةٍ تتجاوزُ حدودَ الكلماتِ......
يُصبحُ كوبُ الشاي تأمُّلًا عميقًا في جوهرِ الحياةِ، يفتحُ أبوابَ الروحِ على أفقٍ واسعٍ، يحملُ بين طيّاتِه شغفًا متجدّدًا لا يخبو وأملًا يشتعلُ بهدوءٍ ليضيءَ دروبَ أحلامٍ طالَ انتظارُها......
في كلِّ رشفةٍ أرى الحياةَ بعيونٍ جديدةٍ وأشعرُ وكأنَّ الزمنَ يُتيحُ لي فرصةً لا تُقدّرُ للتعمق في ذاتي لاكتشافِ كنوزًا دفينةً من المشاعرِ والأفكارِ تُحيِي في داخلي طاقةَ التمنّي والسعيِ نحوَ غدٍ أجمل.......
#بقلمي #ريهام_كمال_الدين_سليم
Post A Comment: