هناك بالقرب من المعبد | بقلم الأديب المصري محمد السعيد
هناك بالقرب من المعبد | بقلم الأديب المصري محمد السعيد |
هناك بالقرب من المعبد
كنت على علاقة طيبة به ، ترافقنا لسنوات في إدارة واحدة قبل نقلي إلي مكان آخر . سنوات سادتها المحبة . مرحباً ، كان صوته حراً طليقاً كأنه عصفور صغير يغرد فوق شجرة ، أو طفل في رحلة إلي الملاهي ، سألته على الفور : هل أنت خارج المحافظة؟
فرد بإندهاش : لا
طلبت منه مساعدتي في حاجة ملحة . فتأسف وقال إنه حصل مؤخراً علي إجازة عام بدون أجر. وعرض علي نمرة الزميل سامح قديس سكرتير الإدارة الجديد ، فشكرته و باركت له على الفور ،كما صارحته أن صوته كان يشي بشئ ما فضحك . وعندما سردت عليه قصتي قال بثقة : تكلم مع فلان ، إتصل بعلان .كان يذكر أسمائهم دون أستاذ أو بك كما تعودت منه .بعدها قال : أنا كده أعيش على راحتي ،بدون أي قيد أو ضغط ،ثم قال : أتمني لك ذلك أيضاً
قلت له : لا عمل ثان لي غير الوظيفة
سألني : لماذا لا تعمل بمراكز اللغات ؟
قلت : الفرنسية لغة مهمة ، لكن الأهالي يفضلون مدرس الفصل غير أني أعد نفسي للهجرة إلي شمال أفريقيا .
- في هذا الوقت
قلت : نعم ، فكرت كثيراً، ولم أجد أمامي إلا هذا الحل .
لكن إلي أين تحديداً؟
المغرب
على البركة يا صاح .. أي مكان سيكون ، بالتأكيد، أفضل من أم هذا البلد !.
لا زالت أحباله الصوتية تصدر نغمات كأنها من عود جديد ، يلعب به لأول مرة.
2
الفكرة ماثلة كتمثال بوذا ،والرحيل يحتاج إلي قرار حكيم .لكنك لست وحدك ،معك أسرة بأكملها، أطفال يحلمون بالغزلان والقطط ، وزوجة تحلم بالرخاء.
أما أنت فروحك تهفو إلي الشباب لكن وحش الشيخوخة يخطو بحكمة داخلك ، وكلما اقتربت من المعبد ضاع ما تبقى من الأسود في شعرك .
قالت وفاء : لماذا لا نهاجر إلي السعودية أفضل.
ونكون قريبين من الحرم المكي، كلما أردنا أن نعتمر اعتمرنا .
وفاء قنديل الحكمة الموقد في زيتونة الشرق .بداخلك شخص عربي وآخر أعجمي يبحث كلاهما عن الحرية والعدالة في زمن إنطفأت به شمعة الحق .فمن أنت؟!
قلت :أنا في الربع الأول من النصف الأخير، قبل أن أكون ،وبعد أن كانوا ،فوق الشجرة .
قالت وفاء : لا تفر من نفسك ، أين سنهاجر ؟!
٣
تحت البوذا تجمعوا ،شاهرين سيوفهم ، في وضح النهار . يمثلون دور البوذا النبيل الذي يحافظ على القيم والمبادئ. لكن في سريرتهم كذابون،. منافقون ، هم يخدعون البوذا نفسه قبل أن يخدعوا أنفسهم والناس ، عما قليل سيتفجر البوذا فوق رؤوسهم كما فعل من قبل مع هيتماسا الأفاق ورفاقه .الآن، يحسون الأرض تهتز من تحتهم ،ينظرون إلي البوذا وهو يتشقق ، مذعورون هم، الآن ! البوذا يتفجر ، مرة أخرى، في وجوههم ،يحاولون الهرب لكن الشظايا تلاحقهم لتقضي عليهم .
صوب نهايتهم كان يتوجهون
وهم لا يشعرون.
كما حدث لهيتماسا اللعين ورفاقه حدث لهم.
قلت لوفاء : ترى هل سيتركونني ،هكذا ، بسهولة، أحصل ،علي إجازة لعام كامل ؟
قالت بثقة : الدماء التي تسيل لا تجف هكذا بسهولة ، وكما رحل البوذا إلي جزر الهيتاماشا بحثاً عن الفضيلة سترحل أنت بحثاً عن الحرية .
٤
في الصباح ،حملت دورق المياه ،وتوجهت للفراندة. سقاية أصيص الورود هوايتي منذ الطفولة..عصافيري حولي يزقزقون ..بابا أنا شوية .. بابا أنا شوية
أمسكت معهما الدورق محاذراً أن يسقط ! .في منطقة أخري في تلك التربة الخصيبة الندية لمحت نبتة يتيمة تجاهد لشق مكان لها في الأصيص !.قدرت أن الحياة صعبة وصنعت في مشقة ، وأنها معاناة في قلب معاناة. .
.
Post A Comment: