حكم قول الطفل ماما طالق !؟ (واقعة حال ) | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
![]() |
حكم قول الطفل ماما طالق !؟ (واقعة حال ) | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة |
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أستاذتنا الكريمة، حدثت مشكلة بيني وبين زوجي كما يحدث بين الأزواج عادة، ففوجئت بزوجي يقول لابنتي الصغيرة، التي لم يتجاوز عمرها ست سنوات: "قولي لأمك أنت طالق". فقامت البنت بترديد ما قاله، فهل وقع الطلاق بلفظها أم لا؟
الجواب:
أولا : الطلاق وإن كان مكروها لما يترتب عليه من قطع النكاح الذي هو مطلوب الشرع إلا ،ه قد يكون حلاً أخيراً للمشكلات الزوجية التي لا يمكن علاجها بوسائل الإصلاح الأخرى، كما يُقال: "آخر العلاج الكي". وأصله في الإسلام مشروع مع الكراهبشرط وجود حاجة ضرورية تدعو إليه، مثل سوء خلق الزوجة أو استحالة استمرار الحياة الزوجية بسبب سوء عشرتها أو نحو ذلك؛ فالطلاق بدون سبب وجيه يُعتبر من أنواع الضرر المحرّم في الشريعة الإسلامية وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه وغيره بإسناد حسن : " لا ضرر ولا ضرار " ، كما نبه الله تعالى الزوج بقوله : (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ) البقرة 229 .
وقد أعطى الله تعالى للرجل هذا الحق لأنه يتحمل تبعات الطلاق الكبيرة التي تشمل هدم الأسرة وتشتيت الأبناء، إلى جانب الالتزامات المالية والاجتماعية الأخرى، مما يجعله يفكر مليًّا قبل الإقدام على هذه الخطوة.
ثانيا : فكما يجوز للرجل أن يوقع الطلاق بنفسه، يجوز له أن يوكل غيره بذلك باتفاق الفقهاء ، سواء كان الموكَّل رجلًا أو امرأة أو حتى قاضيًا، بل يمكنه أيضًا تفويض المرأة في تطليق نفسها. إلا أن هناك شروطا فيمن يصح طلاقه ، أن يكون بالغًا عاقلاً مختاراً فلا يصح من صبي ومجنون ومُكره ،فإذا قال الزوج لشخص بالغ وعاقل حتى وإن كان ابنها : "قل لأمك أنت طالق"، فنطق باللفظ، وقع الطلاق ، أما إذا وكل طفلًا غير بالغ وقال له: "قل لأمك أنت طالق"، ونطق الطفل بذلك، فإن الطلاق لا يقع؛ لأن الطفل ليس أهلًا لإيقاع الطلاق، سواء لنفسه أو بالوكالة عن غيره.
وفي الحالة المذكورة بالسؤال، فإن الزوج أمر ابنته الصغيرة الغير بالغة أن تنطق بالطلاق على والدتها، وبما أن الطفلة ليست بالغة ، فلا يُعتد بهذا الطلاق ولا يقع بأي حال من الأحوال،باتفاق الفقهاء .
ويجب على هذا الزوج أن يتقي الله تعالى في زوجته وأبنائه، فمن غير المقبول شرعًا أو أخلاقيًا أن يُحمِّل الأطفال عبء مشكلات الكبار، أو يجعلهم وسيلة لإيذاء والدتهم، لما لذلك من آثار نفسية واجتماعية خطيرة على الأبناء.
وعلى الزوج أن يتذكر وصية النبي ﷺ بالأم، حيث قال معاوية بن جاهمة كما جاء عند الحاكم بإسناد صحيح : "جئت إلى النبي ﷺ أستشيره في الغزو، فقال: هل لك أم؟ قلت: نعم. قال: فالزمها؛ فإن الجنة تحت رجليها". نسأل الله أن يهدي القلوب ويرشد الأسر إلى ما فيه الخير والصلاح. والله تعالى أعلى وأعلم
Post A Comment: