تربية المسلمين على مكارم الأخلاق ومحاسنها | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
تربية المسلمين على مكارم الأخلاق ومحاسنها | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
|
إن دين الإسلام سعى إلى تربية المسلمين على مكارم الأخلاق ومحاسنها، للفوز بالجنة وأعلى درجاتها، فجعل من علامة كمال الإيمان أن يحب المسلم الخير للآخرين كما يحبُّه لنفسه، فعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ . رواه البخار
وفى رواية : حتى يُحِبَّ لجاره أو لأخيه.
وخرَّجه الإمام أحمد، ولفظه: لا يبلغ عبدٌ حقيقةَ الإيمان حتى يُحِبَّ للناس ما يُحِبُّ لنفسه من الخير .
قال النووي في شرحه على مسلم :
وذلك سهل على القلب السليم، وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله وإخواننا .
وقيل في هذا الحديث: إنه ربع الإسلام .
وهذا الحديث يُعتبَر ميزانًا يَعرف به المؤمنُ قدْر إيمانه، فمنْ يحبُّ الخير للآخرين، بحيث يُحبُّ لهم الصلاح والهداية، والحياة الطيبةَ السعيدة، ويفرحُ إذا أصابهم خير، ويَحْزنُ إذا أصابهم شرٌّ، ويسعى إلى إدخال السرور عليهم، فهذا مؤمن كامل الإيمان.
والإسلام بتعاليمه السمحة يُؤلِّف بين القلوب، ويجمع الشتات، ويلمُّ الشمل، ويجعل من الأمة جميعًا جسدًا واحدًا، كيانه يتشكَّل من أفرادها بمختلف صفاتهم وأوصافهم، وتفاوت درجاتهم، وعصبهم الذي يشده لبعضه هو الأُخوَّة والمحبَّة والصلة التي مستمدُّها من الشريعة المحمدية الصافية البيضاء الغرَّاء، ليلها كنهارها، ونورها الهادي والمبين للمعالم التي يُسترشد بها هم العلماء وأهل الخير من الصحابة والتابعين لهم إلى يوم الدين، جسد إذا تألم منه عضو تألمت سائرُ الأعضاء، وباتت ساهرةً على دَفْع الضرر والحرج عنه.
فما أعظم هذا الدين؛ حيث حرص على سلامة القلوب وتَرابُطها! وما أوسع فضله؛ إذ يثيبك على نفْعك لإخوانك المسلمين!
فهذا حديث عظيم جليل، حتى قال بعض العلماء:
إنه أحد الأحاديث الأربعة التي عليها مدار الإسلام؛ حديث الأعمال بالنية، وحديث من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وحديث الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وهذا رابعها:
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
وقد جاء في رواية عند مسلم:
حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه .
Post A Comment: