مجاهدة النفس | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


مجاهدة النفس | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
مجاهدة النفس | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



 السلام عليكم ، 

مجاهدة النفس : 

كلنا في مجاهدة مستمرة سواء مع أنفسنا أو مع الحياة ، فهناك مَنْ يقاوم رغباته الدنيئة التي قد تقوده لمصيرٍ بائس ، وهناك مَنْ يتصدى لملذات الحياة بحيث لا يقع فريسة لها أو لقمة سائغة تبتلعه في جوفها إذا لم يحذر وكأن الحياة قد انتصرت عليه ونهشت جسدَه بلا رحمة أو هوادة فلم يَعُد به جزء سليم يصلُح للحياة مِن بَعْد ولم تَعُد روحه تسمو لمكانة رفيعة لدى خالقه ، ولم يَعُد يصبو لما هو أعظم من كل تلك الدنيا الفانية فقد دَنت نفسه من كل ما هو متاح وركض وراء أهوائه ولم يترك شيئاً ممنوعاً لم يجرِّبه بغض الطرف عن كونه حراماً أم حلالاً وبهذا خسر حياته وبالمِثل سيخسر آخرته لا مَحالة ، لذا فالإنسان الذي يظل يجاهد ويتصدى لكل مُتع الحياة حتى لا تجتذبه أو يُفتتَن بإحداها لهو أقوى شخص على وجه البسيطة أما مَنْ لا يهتم أو يكترث بتلك الأمور يقع صريعاً أمام كل ملذات الحياة ويظل على هذا الحال إلى أنْ تفنى الحياة تماماً أو لم يَعُد يملك وقتاً كافياً للتوبة أو التراجع عمَّا فعله على مدار حياته فإما الإفاقة و الاستقامة أو الهلاك الذي لا مَناص منه فلا ثالث لهما ، فعلى المرء أنْ يتعظ قبل فوات الأوان وانقضاء العمر في تُرهات وتفاهات لا جدوى منها ، فكان عليه أنْ يُميِّز بين ما يفيده وينجِّيه ويأخذ بيده لطريق الفلاح وبين ما يدمِّره ويضُره ويُفسِده ويُضيِّعه ويقضي على حياته وآخرته على حد سواء ، فهذا ما يفرِّق بين امرئ وآخر وبين مَنْ اختار الدنيا بمَحض إرادته ومَنْ أراد الدار الآخرة التي خُلِقنا من أجل الخلود فيها بالفعل وقليل مَنْ يعي ويتعظ ويتَّبع الهُدى وخُطوات الإيمان السليمة التي تُوصِّله للنهاية المُطَمئِنة التي يستقر عندها ويهدأ قلبه ويستكين من كل المشقات التي عاناها في طريق الحياة الوَعِر ، فلم تُخلَق الحياة سهلة أو يسيرة إنما هي مكابدة وشقاء والفطن هو مَنْ يتمكن من استغلالها بكل عِزمه وإرادته من أجل أنْ تكون طريقه المُمهَّد المستقيم لدخول الجنة والنعيم فيها بكل ما لذَّ وطاب ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خَطر على قلب بشر وعلَّنا نسعى من أجل الوصول إليها في نهاية المطاف فهي المُراد والمُبتغَى لجميع الخَلْق دون استثناء ...




Share To: