تقنين الحرية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


تقنين الحرية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
تقنين الحرية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 



السلام عليكم ،

تقنين الحرية :

يبحث كلٌ منا عن الحرية بشكلٍ أو بآخر ، يظل طيلة حياته يحاول التحرُّر من القيود ، الخروج عن المألوف ، التصرُّف خارج حدود العقل ، اتباع منهاج مغاير للمحيطين به ، طرح أفكار خارج الصندوق قد تكون جنونية في بعض الأحيان ، التمرُّد على كل الأوضاع والظروف رُغم عدم محاولته تغيير إحداها بقدر الإمكان ، الثورة على كل الأحداث التي تقع بحياته ، التعبير عن كل ما يدور بداخله دون مراعاة الآداب العامة والسلوكيات القويمة السائدة في المجتمع والتي يُعِدُّهاً قيوداً تُغلِّل قدرته على التصرف بحُرية ، ممارسة أي مخالفات خارجة عن التشريعات التي سنَّها القانون إذْ يحاول القيام بأي شيء غير اعتيادي في محاولة لنيل قدرٍ من الحرية التي يَود أنْ ينعم بها ولو لبعض الوقت والتي يظن أنه قد حُرِم منها وسُلبَت منه في الكثير من فترات حياته نظراً لرغبته في تجريب كل ما هو جديد بغض الطرف عن كونه مناسباً أو مشروعاً فهو لا يكترث بمثل تلك الأمور السفيهة التي قد تمنعه من ممارسة حياته كيفما يشاء وتظل تلك المفاهيم تسيطر عليه كل مدى حتى تطغَى على شخصيته وتجعله شخصاً أهوجاً لا يراعي أي حدود أو مبادئ أو قيم من المُحتَّم عليه اتباعها نظراً لظنونه الوهمية وفهمه الخاطئ لمصطلح الحرية الذي وصَّله لهذا الحال وجعله ساخطاً ناقماً على كل ما يدور في محيطه ، راغباً في الانقلاب عليه والخروج عنه بأي وسيلة ممكنة فالأهم لديه أنْ يحظَى بتلك الحرية المُطلَقة التي يَضعها نصب عينيه والتي اخْتُزِن مفهومها في ذهنه في فترة ما لم يَكُنْ على قدر كافٍ من الوعي ليُدرك أن لكل شيء حدوداً لا يجب تخطِّيها وإلا فلتت الأمور من أيدينا وخرجت عن السيطرة وأَودَت بنا لحال مذرية لا نرغبها تماماً ، ولكن المسئولية لا تنصَب كاملة عليه فللأهالي دور عظيم في توجيه الأبناء ونقل الوعي لعقولهم قبل أنْ يُوصِّلهم طيشهم لارتكاب أخطاء جسيمة لا يتمكنون من محو أثرها مهما طال بهم الأجل بفعل اتباع طريقتهم المنفتحة في تنفيذ مبدأ الحرية ، فلم تكُنْ الحرية المُطلَقة سبباً في إنقاذ أحد وإنما كانت المُتسبِّب الأول في ضياع وانفلات أغلب الجيل الصاعد نظراً لعدم الالتفات إليهم بالقدر الكافي وسط تلك المستجدات التي تطرأ على المجتمع بين الفينة والأخرى ويُطبِّقها الجميع بعشوائية وغوغائية بلا أي رَدع أو قَمع فتؤدي لضياعهم بلا شك …



Share To: