(خيبة الأمل)
بقلم الكاتب و المفكر أ. رامي محمد
ويزداد هذا الشعور عند الأشخاص المصابين بالحساسية المفرطة، فأقل أذى قد يُحدثُ عطبا مستديما في الروح! وقد كنت لفترة طويلة من هؤلاء، فأنا شخص شديد الحساسية، كلمة عابرة أو رائحة سيئة أومجرد موسيقى رديئة، أشياء قد تفسد مزاجي، وسعادة يومي في الغالب ترتبط بقدر قلة البشر الذين أراهم فيه.!
مع الوقت اكتشفت أن هذه الحالة، من أسوأ ما يحدث لإنسان، لأنها تجعله شخص سيء دون أن يشعر، وتعظّم فيه فكرة الفردية، وتزيد من أنانيته!
فبعد ما كنت تمنح بلا مقابل لتسعد أنت بـ - حب الهبة - التي اختزلها -كانت- وغيره من الفلاسفة، في كونها أعظم مسبب لسعادة الإنسان -أن يعطي دون أنت ينتظرش صرت تبخل بالمنح. لأن البشر لا يستحقون، ولأن إحسانك قد دفعت ثمنه وجعا!
بعد ما كنت تبذل للآخر بسخاء وتحب المشاركة، صرت شحيحًا وكارهًا للصداقة، التي هي واحدة من أعظم ركائز الحياة.! أصبحت ترفض الحديث مع مجهولي الشارع، وتلك الصلات السريعة التي تجعل قلبك أكثر رحابة وسعادة، وتهديك دروسا عظيمة؛ لأن هذا سيزعجك، وهذا يمكن أن يعتدي عليك، وهذا سيطلب منك مالا، رغم أن الأمر لا يستدعي كل هذه الوساوس!
اختصارا : مهما خذلتك الحياة، ومهما ذقت من مر - لا تفقد الثقة بالعالم - فلكي ينفتح قلبك، لا بد أن تثق بالحياة كما يثق بها الأطفال دون شروط!
لا ترتاب من المجهول ولا من العالم الخارجي، مهما بدا شريرا، تجاوز كل المخاوف، وعالج كل الجراح، وتعلم كيف تكتسب الثقة في العالم، كلما خذلك من جديد!
تنبه في انفتاحك. لكن لا تيأس، تعلم كيف تطور حدسك وقدرتك على التمييز للابتعاد عن موقف ما أو شخص ما، لكن لا تهرب!
فالأفراح لا تنمو في الظلام، والتناغم مع العالم والكون والطبيعة وبناء علاقة محترمة مع كل كائن حي على الأرض، ما سيساعدك على التقدم! ولأن الانسان كي يعيش بشرف، فعليه أن يتمزق بقوة، أن يتضارب، أن يخطئ، وأن يبدأ ويترك، ومن ثم يبدأ، ومن جديد يترك، وعليه أن يناضل دائما ويخسر، فالراحة في الحياة دناوة روحية.
Post A Comment: