- علام
نطقها المقدم ابراهيم عبدالتواب مخاطبا علام ذلك الذى هب مجيبا فى قوة : تمام يا افندم .
ابراهيم : هل الجنود صائمون ؟
علام : نعم كلهم صائمون .
ابراهيم : مرهم بالإفطار فلدينا عمليات اليوم وقت تمام الاستعداد سعت ١٢٠٠
علام : تمام يا افندم
نطقها و أستدار حينما أشار اليه المقدم ابراهيم بالانصراف ،بينه و بين نفسه يشعر بإحساس غريب هذا اليوم ...شىء ما بداخله أنبئه أن حادثا جللا سيقع هذا اليوم ...بخطوات خفيفة سريعة توجه الى أفراد سريته 
-على الجميع أن يفطر فلدينا مشروع استراتيجي هذا اليوم وقت تمام الاستعداد سعت ١٢٠٠...هذه أوامر السيد قائد الكتيبة ابراهيم عبدالتواب 
لم تظهر على الجنود أى تذمر أو ضيق فهم يعشقون القائد و يثقون فى دينه و خلقه ..راحة غريبة غمرت الجنود وهم يكسرون افطارهم ...أصر البعض على مواصلة الصوم و عدم الافطار ...بعد هذا التصريح تحول المكان الى خلية نحل ...فى كل مكان ترى الجنود يهرولون ، الاستعداد على قدم و ساق 
 -تمام يا افندم . ..جميع الافراد والمعدات على أهبة الاستعداد يا أفندم 
نظر ابراهيم الى الجنود فى حماس قائلا: سوف ننطلق الان الى جنوب البحيرات المرة وسوف نقوم بالعبور و منها ننطلق للسيطرة على ممرى متلا والجدى وكذلك للسيطرة على المضايق لاعاقة و عرقلة قوات العدو،حتى تتمكن قواتنا من العبور و اقامة الجسور.... 

يالها من لحظة مهيبة ومفاجأة لطالما انتظرها الرجال..شىء من الرهبة فرض نفسه على الموقف 
الا ان هذه الرهبة بددها ابراهيم حينما هتف قائلا: و الان فلننطلق
ما ان نطقها حتى انطلق الركب فى مهابة.....
مشاعر شتى هى تلك التى سيطرت على قلوب الرجال فى تلك الرحلة ....مزيج من الخوف و الحماس و الرغبة فى الثأر  
-ها قد وصلنا ايها الابطال. 
نطقها ابراهيم وهو ينظر الى رجاله الذين قد اصطفوا فى حماس عند شاطىء البحيرات المرة.... 
-نحن فى انتظار أوامر قيادة الجيش الثالث الميدانى. 
لم يكد ينطقها حتى وصلت سيارة تابعة للجيش نزل منها ضابط حديث السن ضئيل الجسم أدى التحية باحترام امام القائد ابراهيم ثم قدم اليه خطابا قائلا: انا الملازم نور قائد فصيلة الصواريخ المضادة للطائرات تم توجيهنا أنا و سريتي من قبل قيادة الجيش للالتحاق بكتيبتكم
رمقه ابراهيم بدهشة فقد كان منظره و جنوده لافتا للنظر مقارنة برجال الكتيبة ...نور و سريته اجسادهم ضئيلة مقارنة برجال الكتيبة؛ ربما لانهم حديثى التخرج و لم يحصلوا على فرقة الصاعقة تلك التى حصل عليها هؤلاء الرجال... تأملهم رجال الكتيبة فى دهشة و قبل ان ينطق احدهم بكلمة لاحت لهم فى الافق اسراب الطائرات المصرية فى طريقها نحو الشرق فانطلق الرجال بالتهليل و التكبير
- الله اكبر...الله اكبر
يالها من لحظة لن يستطيع ان يصفها الا من عاشها...
-ما ان زحفت الطائرات نحو الشرق حتى اطلق ابراهيم اشارة البدء للجنود فقفزوا الى مركباتهم فى حماس. اندفعت المركبات داخل الماء فى قوة نحو الشرق  
-يالها من نزهة جميلة 
نطقها سمير و هو يطل برأسه خارج برج الدبابة 
-هل تعلم ان ما نفعله الان مخالف للتعليمات 
نطقها سعد فى سعادة و هو ينظر الى صفحة مياه البحيرات 
-يا الهى لقد كانت التدريبات التى خضناها اصعب كثيرا من عملية العبور..لدرجة أننى أشعر أننا فى نزهة.
نطقها سمير فى مرح وهو يشاهد اقتراب الشاطىء 
بضع دقائق هى فقط ما استغرقته الكتيبة فى العبور بعدها وجد الرجال انفسهم امام رمال سيناء...ليس من الممكن لانسان ان يتخيل كم الشوق بين ضلوع الرجال لهذه الرمال... خرج الرجال من مركباتهم بكل ما يعتمل فى نفوسهم من حنين و اشتياق...بعضهم سجد لله ثم قبل الرمال ...مسيحيون و مسلمون لم يأبهوا لتلك المخاطر المحدقة بهم، فهم أول كتيبة وطئت اقدامها سيناء...هدف سهل مكشوف فى العراء امام العدو الغادر و مع ذلك فقد انطلقت مركباتهم كالأسود الثائرة تندفع فى عمق سيناء نحو هدفها المنشود ...لم تكن تعنيهم حياتهم و أرواحهم فقد وهبوها لمصر....
بكل المقاييس و الحسابات هى مجازفة و مخاطرة أن تندفع قوات بمفردها فى عمق صحراء لا تعرف عنها الكثير...فقط هو اليقين بالله و عشقهم لهذه الارض والذى بلغ حد الوله.... 
-ها قد بدأ العرس 
نطقها عصام هلال و هو يشير الى طائرتين ميراج و قد صم صوتهما الاذان و قد تزامن ذلك مع قذائف المدفعية 
-على جميع القوات اتخاذ المواقع الدفاعية و التحصن جيدا
تردد صوت المقدم ابراهيم عبدالتواب عبر اجهزة الاتصال ، فاشرأبت أعناق الرجال و تعلقت أعينهم بالطائرتين 
-ياله من حفل استقبال
  نطقها ابراهيم العجمى متوجها بها الى ذلك الجندى المرابط معه فى نفس الحفرة و الذى استدار برأسه متابعا مسير الطائرتين،ثم غمغم قائلا: و الله لو أرسلوا علينا طيرا أبابيل ما تنازلنا عن حبة رمال واحدة...هيهات أن يحدث ما حدث.. والله انى أتوق للشهادة 
لم يكد ينطقها حتى انطلقت دانة من أحد المدافع استقرت احدى شظاياها فى جانبه الايمن، ابتسامة واسعة ارتسمت على وجهه ثم سقط جثة هامدة...
تأمله العجمى فى مزيج من الحزن والذهول ثم مده يده ليغلق عينيه المفتوحتين ثم تلا قول الله عز وجل:"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و مابدلوا تبديلا "
-على جميع القوات الاستعداد للقتال فهناك سرية دبابات قادمة من ممر الجدى
تردد صوت المقدم ابراهيم عبر اجهزة الاتصال فقد كانوا على وشك الاصطدام بقوات العدو المتمركزة فى هذه النقطة..
-أى مدى من الجرأة و الوقاحة قد بلغتم أيها المصريون 
نطقها قائد القوات الاسرائيلية المتمركزة عند منطقة المضايق وهو يشاهد تلك القوات المندفعة بحثا عن الشهادة 
-هذه ليست جرأة بل جنون يا سيدى فقد أتوا بأقدامهم الى عقر دارنا و هذا فى حد ذاته انتحار 
نطقها مساعدة فى هلع وهو يتابع بمنظارة تقدم هؤلاء الرجال 
-أظن أننا لن ننتظر حتى يهاجمونا فى عقر دارنا 
نطقها قائد القوات الاسرائيلية فى لهجة غاضبة فتناول مساعده جهاز الاتصال الموجود فى دبابته الحديثة قائلا: على جميع القوات التحرك لصد هجوم هؤلاء البؤساء المنتحرين 
بينه و بين نفسه يثق فقط فيما لديه من معدات حديثه 
..... لو استطاعت الاقمار الصناعية ان تنقل لنا هذا المشهد من السماء للمسنا فيه شيئا من جهاد النبي صلى الله ومن معه من الصحابة؛ ففى الجانب الغربي فئة قليلة العدد والعتاد وفى قرص الشمس ذئب ماكر مدجج بأحدث الاسلحة و العتاد.....
-قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
حملت اجهزة الاتصال هذه الايات بصوت ابراهيم ممزوجة بالثبات و اليقين فنزلت على ارواح جنوده بردا و سلاما 
-الان ايها الاشاوس... على جميع القوات فتح التشكيلات و الاستعداد للقتال 
 




Share To: