أخاطر بحنجرة
أبي عندما أنقر علی دفّ الماضي ليصدحَ بالغناء يسحبُ زوارقَ صغيرةً الی اليابسة هرباً من العطش بعد أن جفّ الهور وهودج العريس أصيب بسعالِ البرد ،أشعل تبغَ الحنين وأضعه علی قبر أبي وأقول له أوفيت بوعدي يا أبي وعدتُ لك آسفا عندما قلت لك التبغ يحرقُ حطبَ العمر ،دمعتُ عيناك وصدحتَ بالغناء (يا ما خذين الولف) وتذكرت ابنك ،أخي الذي غرق وطفِح جسده بعد أن سمع نواحك يسحبُ الموج بحبال الوجع إلی اليابسة ،اليوم أنا أقف علی قبرك وبيدي جمعت تبغَ العالم الجاف، المتصحر وشعلة واحدة، واحدة لفافة بعد لفافة أوقدها بآهٍ تخرج من حشرجات حنجرتي التي مرنتها علی العويل،وعندما قلت لك يا أبي أنا ابن آدم ولستُ بجرو ،قلتَ لي الجنوبي فطامه النواح وأنت جرو البيت المدلل وعليك أن تتمرن كيف تبكي من شدة الفرح ،وكيف تعوي من شدة الحزن ، أتذكر مسحتكَ معي وانت تمسح علي لا بأس يا بني إنك تنبحُ وكأنك جرو الحاكم المخنث ،صفعتني علی ظهري وكأن لقمة طعام حشرت في بلعومي تخرجها بضرب قوية قلت عليك أن تعشق امراة تعضّ قلبك بشدة كي تعوي وتملأ العالم ضجيجا ،اليوم وبعد أن عضت قلبي الحياة عرف كيف أعوي وها أنا أقف علی قبرك ،وصحت كل الأموات علی نواحي.
Post A Comment: