.                        حسن كريم عاتي


ليست إضافةً عند القول: إن تولستوي عظيم الابداع في الادب الروسي والعالمي ، وقد تكون اعماله الروائية (الحرب والسلام) و (اناكارنينا) و(القوزاق) من بين اعماله الأكثر شهرة، فهو عظيم الوفاء لمبادئه ومعتقده ، والتعبير عنها بصدق ووضوح. ولم يكن متوقعاً منه أن يجسد فهمه للمِلكية في رواية بطلها حصان مخصي ، يعد من أجود سلالات الخيول ، ولم يكن إخصائه الا كون جلده أبقع.
تمكن تولستوي من خلال هذا الحصان أن يقنعنا، أنه يعرف إحساس الخيول ومشاعرها، ويفهم لغتها ويتكلم بها. وأن الخيول تفهم الكلام البشري وتعترض عليه وقد تتفق معه.
فإذا كانت (أنسنة الحيوان) معروفة في الادب عموماً، وحتى في الكتب التراثية، مثالها (كليلة ودمنة/ لابن المقفع)،الا انا نتحدث عن الرواية الكلاسيكية أواخر القرن التاسع عشر.
تمثل رواية (خولستومر/قصة حصان/1865-1866)، أفضل مثالاً لفهم فلسفة تولستوي ، واليكم مثالاً عليها/ مقطعاً من الرواية (ص840-841)، وهو حديث الحصان عن المِلكية:
((وإتسعت دائرة ملاحظاتي بعدئذ ، فأدركت إن فكرت (التملك) هذه تستند إلى غريزة دنيئة فظة يسميها البشر عاطفة الاستملاك  أو حق الاستملاك ، وإن هذه الغريزة لا تنصب علينا نحن الخيول، وإنما تنصب على أشياء كثيرة. فلإنسان يقول هذا (بيتي) ثم هو لا يسكنه أبداً وإنما يهتم ببنائه وصيانته لا أكثر. والتاجر يقول (هذه دكاني) وتكون دكاناً لبيع الجوخ ، ثم هو لا يلبس رداءً من أجود أصناف الجوخ التي تضمها الدكان. وهناك بشر يسمون أرضاً أرضهم وهم لم يروها في يوم من الأيام، (...)، والبشر يتوقون إلى البقاء ويتشبثون بالحياة لا ليفعلوا ما يعتقدون أنه خير، بل ليقولوا عن أكبر قدر من الأشياء انه لهم)).
لم تحظى هذه الرواية من الشهرة والاهتمام مثل ما حظيت به اعمال تولستوي الانفة الذكر ، على أهميتها الكبيرة في فهم فلسفة تولستوي.
إن قراءة رواية ((خولستومر))، تجعلك على يقين ان تولستوي لن يشيخ أبداً.

                               تولستوي
                      



Share To: