الشعرُ نافذة لانثيالات الوجدان في قصائد جواد الحاج الجبوري
قصائد جواد الحاج الوجدانية وقصائد الحب أخذت صدارتها في شعره فظهرت قصيدة الشعر الوطني وهي وفاء منه في التعبير عن مشاعره الجياشة التي لا يستطيع إخفاءها كونه شاعر صادق المشاعر والأحاسيس ، أنصهر مع الشعراء باختلاف مشاربهم وأفكارهم وتطلعاتهم الذين أجمعوا على شيء واحد وهو حب الوطن ، هذا الحب الذي يتدفق حنينا في مفاصل الحياة .قصيدة:
وطني يا أرمد َ العينين
ياعشقي الكبيرْ
أصبح َ الجاهل هو الكحال ُ
أمسيت َ البصير ْ
عارياً تحمل ُفي جنبيكِ
أقمشة الحرير ْ
جائعا ً في ارضك ِالزيتون
والقمح الوفير ْ
والفراتين هما سرُ الخلود
مستنير ْ
ماؤها ينساب ُفي أرضِك َ
رقراقا ًغزير..ص48
التجربة الشعرية لدى جواد الحاج مستقاة من الحياة واللغة وسيلة التواصل مع الآخرين فتشكل قصيدته الأساس في عملية البناء وهي الطريق الموصلة بين الشاعر والمتلقي فتؤدي الى أيجاد روابط انفعالية بينهما ، خصوبة الموضوع متوهجة في قلب الشاعر في حب الوطن هذا التوهج يكون أسطورة متجددة في الخصب والعطاء والنماء التي تساعد المتلقي بنقل ثيمة الوطن وحبه الى قضايا أخرى تشغل حيز التفكير.
يقول ناظم حكمت (( ادخلوا الشاعر الى الجنة فصاح : يا وطني))
ويقول محمود درويش:
(أدخلوني الى الجنة الضائعة سأطلق صرخة ناظم حكمت (( آه .. ياوطني !..))*1
كانت قصيدة أرمد العينين للشاعر جواد الحاج صرخة مدوية للحفاظ على الوطن مهد الحضارة والنبوة والشجاعة ، القصيدة التي تحمل في طياتها صوراً كثيرة وإشعاع الحب الذي ملأ الفؤاد لينير الطريق.
وطني يا نخله يا شاطئيه ِ
المتخمات بكل ِخير ْ
يا لحن أغنية ٍ
ويا أهزوجة العشاق
في الصبح ِ الغرير ْ
يا صوت َ صياد ٍ شجيّ ٍ
في الصباح ِ
ويا تغريد َ طير ْ
يا أنت َ يا مهد َ الحضارة َ
والنبوة َ
انت َ إشعاع ٌ منير ْ
أني على ٰ وشك ِالرحيل
وفِي الفؤاد ِ
لضى ٰ الهجير ص50
التجربة الشعرية للشاعر جواد الحاج غنية وحافلة بالعطاء الإبداعي وتنوع الموضوعات نجدها تكشف عن حس وطني غني وعميق من خلال الثيمة حب الوطن والثيمات الأخرى التي تدور في فضاء الوطن وهي الغربة / البعد / الحزن / القلق / الحب / الهجر ، مناجاة الزمن القديم للعودة حيث الحبيب والأيام السعيدة وهي أمنيات لم تتحقق أبدا.
قراءة في قصيدة ( كؤؤسُ الطُلا )
كتب الشاعر في مقدمة القصيدة فن أدبي الاخوانيات وهو عبارة عن رسائل يتبادلها الأدباء فيما بينهم ويتخذون منها وسيلة لإبداء البراعة تمتاز بكثرة المحسنات البديعية.
.مَنْ يَقْرأ كلماتي يَظنُّ أنني أعشَقْ
وَمَن ْلمْ يفْهَمني يظَنُّ أنَنَي مولَع
ومَنْ لَم ْيَعْرِفُني يَظنُّ أنني بِلا مَشاعِر
ولكنَّ الحقيقة تَبْقى' خَلْفَ كواليسي
لا يَعْلَمها إلا الله وَأنا. فرفقاً بي
تناص العنوان كؤوس الطلا مع قصيدة احمد شوقي (سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها ) .. كان الشاعر احمد شوقي يعرف السيدة أم كلثوم بأنها تحفظ القرآن ولا تشرب الخمر ، قام بتقديم كأسا من الطلا ــ الخمر رفعت الكأس لكي يمس شفتيها دون ان ترتشف ولو قطرة واحدة ، أعجب شوقي بتصرفها وبلباقتها فضلاً عن إعجابه بغنائها كتب قصيدة التي غنتها أم كلثوم الحان رياض السنباطي.
فالتناص او التعالق النصي في الأدب العربي مصطلح بقصديه وجود تشابه بين نص وآخر او بين عدة نصوص فهو حسب البلغارية جوليا كريستيفا ( تداخل النصوص في النص الجديد او التعالق النصي ) وهو يختلف عن السرقات الأدبية.
فالشعر أقرب الأشكال التعبيرية للنفس الإنسانية فهو يعبر عن لحظة شعورية متميزة وهو الصورة التي تبرز حقيقة الإنسان كانسان وحقيقته كشاعر لان الشاعر لا ينطق بالشعر ألا عندما يشعر بنفسه وبما يحيط به من طبيعة وكون زاخرين بالجمال والأحداث والمناسبات تدفعه إلى نظم الشعر والنطق به فهو يستمد الطاقة الإبداعية في هذه الحالة شعرية خاصة به مرتبطة بذاته كإنسان واحتكاكه في وسطه الحيات.
أسَقَت ْرِضابا ً سَرىٰ في كل ِّ أوردتي
اذ أسْكَرْت ْخافِقي مِنْ قُبْلَة الكأس ِ
قاَلت ْ تَمهّل فَما بالَّهْو ِ ِ تَعْرِفُنا
كَمْ لاهيا ً قدْ قضىٰ في لَحْظَة الأنس ِ
كَم ْمن حَبيب قضىىٰ مِنْ فرط.ِ لوعته ِ
سالت جِراحاته ُ في مَحْفلِ العُرْس ِ
اوكَم ْبَعيد ٍدَنا للْشَمْس ِيَعْشَقُها
اذ ذوَبَت ْ كَبده ُإشْراقة ُ الْشَمْس ِ
آه علىٰ وَحشَتي مِنْ أين َ أسْعِدُها
بينَ الضنىٰ والاسىىٰ والظلم والبخس ص25
الشعر الوجداني يعبر عن العواطف الخاصة والصادقة سمي بالشعر الغنائي .. للتعبير عن مشاعر الفرح او مشاعر الحزن او مشاعر الحب او الكراهية والتزامه بالغزل العذري العفيف وقد برز هذا النوع من الشعر في العصر الحديث في قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي وفي العصر الأموي أزدهر الشعر الوجداني ، أبرز شعراء الغزل العذري الذي يعتبر من أهم أنواع الشعر الوجداني عند الشاعر جميل بثينة.
أغريْتَني في هوى ُ ما كُنْت ُ أَعْلَمُه ُ
كَيدا وزيفا ًبهِ يا ظالم َ النفْسِ
يا ضمَة َ العشقِ مِن ْ أكْتاف ِ فاتنة ٍ
يا نشوة َ الروح ِ بعد َالهجر ِواليأس ِ ِ
مَنْ يُبلغ ُالشوقَ عَن ْصَب ٍ يَفيض ُ أَسَىً
أمْسىٰ عَليل ُالهوى ٰيَدنو الىٰ الرمس ِ ِ.
مَن ْيُخْبرُ العِشقَ انَّ ِالعاشِقينَ مَضَوا
مِن ْ قَبْلِنا قَدْ قَضَوا في لَوعَة ِالنفس ِ ِ
أغْراهمُ إذ ْ أَتاهُم ْ نُور ِ ُ فاتِنة ٍ
في وجنتيها شعاع البدر والشمس
يا لائِما ًفي الهوى ٰعُذرا ًبذي شغَف ص25ٍ.
لا شك ان الشعر يعبر عن الحياة كما يحسها الإنسان من خلال وجدانه ولهذا كانت وظيفته الأولى التعبير عن الجوانب الوجدانية من نفس الإنسان ، جواد الحاج شاعر مقتدر في كتابة الشعر كونه ملم في البحور والأوزان ومتابع جيد الى الكثير من الشعراء مما زاده القاً وإبداعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ديوان محمود درويش 7 ( 1974) الذي أصدره بعد خروجه من الأرض المحتلة حيث استعار صرخة ناظم حكمت وضمنها أحدى قصائده.
يذكر ان الديوان طبع في دار الورشة الثقافية للطباعة / بغداد بواقع152 بالحجم المتوسط
144 قصيدة عن العراق والوجع العراقي
Post A Comment: