ان التناقض الأساسي الذي عاشه الغرب و مثقفيه فلاسفته و منظريه ليس تناقض حضارات او أفكار و إنما تناقض بين قبول ما وجب رفضه و رفض ما وجب قبوله. ان استعمار المستضعفين و اخضاعهم لقوة القهر و السطو على ثرواتهم و مقدراتهم و التحكم بمصائرهم و تقييد انعتاقهم و تحررهم، يجعل من كلمات ماركس وانجلز وبرودون والاشتراكيين الثوريين لا قيمة لها لاننا نُقهر هنا و قتها من ذاك المستدمر وهم في الغرب يصارعون من أجل عدالة التوزيع بين الرأسماليين والعمال. ان رواية البؤساء تلك التراجيدية المليئة بالإثارة والعاطفة الإنسانية و المشاعر المؤلمة لفكتور هوغو، هي تسلية الحضور لذرف الدموع على خشبات مسارحهم القاتمة، في حين يتباهون بالنصر عبر بشاعة استحسان الاعتداء على العزل و الضعفاء. أن القوى الاستعمارية و مجموع مثقفيها كانت تحاول دوماً توجيه الفكر الى قضايا تهمهم و لكن لا تهمنا، ان قضاياهم الحقيقية لم تكن قضايانا الرئيسية عبر مسارات الزمن ان الاولوية و الاهمية كانت تطرح عندهم ضمن حاضرهم و مستقبلهم بعيدين جدا عما كانت تطرح كتبهم و افكارهم و اشعار مسائهم، فالظلم البرجوازي كان يعني التغول على الطبقة فقط و كأن شعوبنا و قتها لا تُرى او انها تعيش الرفاه. ان مصادرة ارادة المستضعفين و الاستيلاء على تاريخ الشعوب و امالهم لا يمكنه أن يصمد حين ينتج الوعي المدرك لأبعاد ما حيك نحو قضايا الذات و الامة الوطن و الانسان. إننا كشعوب لازلنا نعيش ذاكرتنا على الموروث الفاعل في حاضرنا، فما عاشه العرب من ماساة مستعمر تجعل من كل اولئك الأمميون من كارل ماركس الى لوناتشارسكي ولينين على شاطئ قيم واحدة مع صولون الى رورتي، فالثورة ليست مبدأ مجردا او فكرة في كتب راس المال او حكاية معاناة سيزيف مع الالهة إنها فعل إنساني يحتوي القيمة الكبرى للحرية التي من خلالها يمكننا تجاوز سقوطنا و منه تحررنا و انعتاقنا من قوى الاستعمار و الاستدمار الذي سوق ساسته و مثقفيه قيما زائفة للحرية، المساواة و الإخاء، و الحقيقة ان إيمان العرب بتحررهم هو من كشفت كذب شعاراتهم وأجبرنا ضمير الانسان مثقفا و منظرا، فيلسوفا و كاتبا ان يميز بين الخير و الشر فكانت الحرية و قداسة الانسان. و انه يمكن للجميع ان يغسلون ثيابهم لكن من الصعب أن يغتسل الضمير.
Post A Comment: