لَوَّحَتْ بيَدِها وهي تَقِفُ على صَفحَةِ الأَمواهِ ، شَغوفَةً بِخَوضِها غمارَ خِضَمِّ رَمادِيٍّ ، لم تقْنُط عزيمَتُها رَغْمَ نَوباتِ الانهزام الّتي تعصِفُ بمُجتَمَعاتِنا ؛ إنّها تُدرِكُ تَمامًا أَّن الجَمالَ شَمْسٌ تُشرِقُ أَبَدًا.
أَلصّارِيَةُ ارتَفَعَتْ وانطَلَقَتِ الرِّحلَةُ...
أَبوابُ الحَيَاةِ مُشرَعَةٌ كذا أَبوابُ الجَهلِ ، مَنْ يَحتَوِي مَنْ : هِيَ أَمِ البَحرُ؟ المسارُ قَدْ يَبدُو لِوَهلَةٍ مُعَبَّدًا لَكِنَّهُ حَقيقَةً بَعيدٌ وشَاقٌّ. الأَفْواهُ فَغرَتْ ، استَحسَنَتِ المَنظَرَ وقَلبُها تسارَعَتْ نَبضاتُه ، القرشُ مُفتَرِسٌ ولا رَحمَةَ! كَمْ فريسَةً أُزهِقَتْ َضَحِيَّةَ لَيلٍ حالِكٍ؟!..
الفَرائِسُ لا تُعَدُّ رغمَ أَنَّها مثالِيّةٌ لَكِنِ القِرْشُ سَرِيعٌ وماهِرٌ ، يختَصِرُ المِسافةَ بِغيرِ عُنصُرِيَّةٍ.
كُلُّ الزُّوَّارِ الكِرامِ أَسئِلَتُهُم واضِحَةٌ ، لِكِنِ المغامَرَةُ تَستَحِقُّ.بَعضُنا مُتَمَسِّكٌ بآمالِه والآخَرُ يضغَطُ على تَعويذَةٍ يرجو أَلّا تكونَ خاطِئةً...
الأَمواجُ تارَةً تبتَسمُ وتارَةً تَسرِقُ أَنفاسَنا بِغيرِ رَحمَةٍ ...
إبرِيقُ الفَخَّارِ ماؤُهُ زُلالٌ، ما أَحوَجَنَا لقَطرَةٍ ؛ لِقَطَراتٍ . مَنْبُوذٌ ذاكَ البائِعُ الجَوَّالُ ورَجْعُ صَوتِهِ يَمخُرُ عُبابَ المَوجِ يَسبِقُ المَراكِبَ لاحتِضانِ الشَّواطِئِ.
لَوْ ...
لَوْ أَنَّنِي لَوَيْتُ ذِراعَ الهَزِيمَةِ لَما كُنْتُ مِنْ رُوَّادِ بَحْرٍ غارِقٍ في عِشقِ أُفقٍ لازَوَردِيٍّ.
تَتَبَدَّدُ الغُيومُ واحِدَةً واحِدَةً ، وَرونُوِّي لِأُفقٍ فِكْرَةٌ أُحاوِلُ إِمساكَها بِيَدِي، تَسقُطُ مَطرًا.
كَمْ عَشِقتُ البَحرَ ، أَسرَنِي وتَبَدَّدْتُ رذاذًا آنَ تَهامَسَ البَشَرُ.



Share To: