بدت الطبيعة هذا الصباح غاضبة، حيث ارتدت ستارا أسود اللون وصحبت معها ولدها المتمرد يعصف ويضرب الأشجار،وفي مرمى بصري شجرة رمان،تتمايل وتتمايل،حتى يخيل للرائي أن أغصانها تتكسر،المسكينة أشفقت عليها هي حبلى شرعت في ولادة حبات رمان حمراء وأخرى بلون القرنفل،بناتها يثقلن الأم فيجعلها تلامس الأرض ثم تعود وتقوم من جديد، أظن أن الريح أريح لها من أطفال بني آدم،وحوش صغيرة تكسر اغصانها، أما الريح فهو يهدهدها ويأرجحها لتنام قريرة العين كصبي صغير حديث الولادة ،الطبيعة تفهم نفسها،ولا تود ظلم أحبابها وبناتها،لا أدري لماذا أحب غضب الطبيعة ،وصوت رياحها المزمجرة ببحة آلة الكمان، أحس أنني أذوب في الطبيعة، تعصر جسمي فيصبح ماؤه بمقدار قارورة عطر مخبأة منذ زمن بعيد، تنثر شذاها ،فتنشره الريح وتتسابق الأنوف لاستنشاقه، اعصفي وزمجري أيتها الطبيعة لتجعلي حدا لجبروت الإنسان وظلمه ،وترجعيه لضعفه وأصله،ليعرف بأنك السيدة ،وماهو إلا طفلك العاق الذي أراد أن يتحدى أمه ،وينسى جميلها اللامتناه .
الٱنسان عاق متمرد لايحترم قانون الطبيعة،أثر فيها بنزواته، وبطش حلمه، حول جبالها وتضاريسها لصالحه، ولكن لمدة قليلة فقط ،جهل توازنها ،واستباح بيئتها ،فلوث برها وبحرها ،حتى حول الطقس والمناخ ليحيد عن سيره، ثم أفاق لعمله فبدأ يرمم، أي ترميم!؟ بعد هجرة الطيور ،وموت الحيتان اختناقا،وجوع دب سيبيريا الأبيض!؟ وخوفي ! أن يحدث لأصدقائنا الحيوانات والطيور ما حدث للديناصور،وأبناؤنا سيتفرجون عليهم في المتاحف فقط ، ياإنسان ! أنت ذرة صغيرة في الكون والكرة التي تسكنها هي كذلك بمقدار حبة حمص! في الكون الرحب المخيف ! اللامتناه ،إنه من قدرة الله ، وعجيب صنعه ! الذي يقول له كن! فيكون . أنت تتطاول بفكرك،لذلك أحب غضب الطبيعة من حين لآخر ،تغضب بسيولها وقصف رعدها وزوابعها ،وأمواج بحرها التي تعلو وتتطاول وتضرب المدن،فيخرج الإنسان متمسكنا يذرف الدموع ويطلب الصفح من أمه ،فتحن عليه،فيصفو سماؤها ويرق قلبها فتهادن وتبتسم،بعد أن أعطته درسا،وبعد أن بات خائفا،متوسلا، لكن اظن أن الإنسان تلميذ غبي لا يفهم الدرس .
تأملات ألهمتني بها الطبيعة صبيحة هذه الجمعة.



Share To: