الكرم سمة محمودة، والله - سبحانه وتعالى – كريم جواد يُحب الكريم من عباده، وكذلك الناس يحبون الكرماء. والبخل صفة مذمومة، والبخيل يمقته الله، ويكرهه الناس.
بهذه التقدمة افتتح المُعلم "سالم" موضوع حصته للتلاميذ عن البخل.
المعلم: أبنائي وبناتي، البخل منع فائض خيرات الله عن نفسك وعن غيرك، وفي أقصى صوره وأكثرها قسوة منع خير الآخرين عن الغير من المحتاجين لهذا الفضل الزائد عن الحاجة، لا سيما وقد بذله الكرماء بأريحية وسماحة عن طيب نفس، وانشراح صدر، وجود خاطر.
والآن نبدأ المناقشة والحوار لنصل إلى بُغيتنا من فهم قضية البخل والتمثيل لها من حياتنا الواقعية.
محمد: نَسِي زميل لي طعامه الذي أعده لتناوله بالفسحة، ولم يكن معه مال يكفي لشراء شيء من مَقْصف المدرسة، فتقاسمتُ معه طعامي بعد أن بدأناه بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
محمود: يوم الاثنين الماضي ضاع قلم أحد زملائي، فأعطيتُه قلماً زائداً كان معي.
آمنة: فقدتْ زميلتي - أثناء لعبنا في الفسحة - ما كانت تحتفظ به من نقود للعودة إلى بيتها، فأعطيتُها ما يمكنها به أن تعود به إلى دارها.
فلما قابلتني في اليوم التالي أرادت أن ترد إليَّ ما أخذته من نقود وقد ظنتْه قرضاً فرفضت؛ لأن نيتي لم تكن على سبيل الإقراض ولا الصدقة؛ إنما كانت حباً في الله وإنقاذاً لها من الموقف.
خديجة: اشترى أبي لي كتاباً خارجياً للتدريبات، ثم أُهدي إلى أمي الكتابُ نفسُه بعد أسبوع، فأهديتُ الكتاب الجديد لزميلتي التي لم يكن معها كتاب خارجي للتدريبات.
المعلم: أحسنتم جميعاً.. لكنْ أبنائي وبناتي دَرْسُنا عن البخل وليس عن الكرم. ألا من نماذج عن البخل والبخلاء، وبضدها تتميز الأشياء.
محمد: ذات يوم أراد بعض زملائي أن نأكل معاً أكلة جماعية من خلال طرح كل ما معنا من طعام وساندويتشات وغيرها للجميع، وجاد كل واحد من المجموعة بما لديه من طعام إلا زميلاً واحداً ادَّعى أنه ليس معه طعام.
ثم بعد أن فرغنا من طعامنا الجماعي، قام زميلي هذا خُلْسَةً وأكل طعامه الذي بَخِل به، ثم ما لبث بعد قليل أن تعرض لمشكلة معوية أُجري له على إثرها غسيل مَعِدة!
محمود: ذات يوم طلب مني أحد أصحابي حقيبتي القديمة ليستقبل بها عاماً دراسياً جديداً، فأتيت له بها ظناً مني أنه لا يمتلك حقيبة، ثم عند منتصف العام وجدته يبكي فقلت له ما يبكيك؟
قال: فأرٌ خبيث قَرَضَ حقيبتي. فقلت له: لا تحزن أعد خياطتها فهي قديمة ومهترئة.
فقال لي: ليست الحقيبة التي أهديتنيها. إنها حقيبة جديدة ادخرتُها بالدولاب لأني أحب الاحتفاظ دوماً بالجديد!
آمنة: حكى لي أبي أنه في مركبة عامة صعد بعض الفقراء الذين لا يطلبون مالاً بل كان يطلب طعاماً.. أي طعام.
فَهَمَّ والدي بمساعدته بإعطائه مبلغاً من المال إلا أن رديف أبي انبرى مسرعاً حاضاً لأبي وحاثاً له على ألا يُعطي السائل شيئاً قائلاً: "إنهم يمثِّلون وليسوا بفقراء!!".
فقال له أبي بعد أن أمضى صدقته: إن كانوا يمثِّلون ويدَّعون الفقر، كما تقول، فكذبهم عليهم، وصدقات الناس ودائع لا تضيع عند الله!
خديجة: كانت لنا جارة أرادت أن تدخر الكتب الخارجية لابنتها الصغيرة التي تصغر أختها الكبرى بعامين ولم تُخرجها صدقةً للفقراء.
فمر عامٌ، وأتى عام دراسي جديد فأخرجت الجارة الكتب التي ادخرتها منذ عامين، لكنها فُوجئت بأن المناهج قد تغيرت!
فقالت لأمي: ليتني صنعت مثلَك.. تصدقتِ وأرضيتِ ربك وعطفتِ على الفقير، وأنا ادَّخرتُ فما انتفعتُ بالكتب ولا انتفع بها غيري!
المعلم: أبنائي وبناتي.. يَسْعَدُ مَن كان مثلي معلماً ما دام تلاميذه وطلابه أمثالكم!



Share To: