تداخل الأجناس الأدبية هل هي مرونة تقتضيها الحداثة؟
أم ضرورة يفرضها الجنس الأدبي نفسه كما هو في الرواية؟
يقال عن الرواية أنها المستفيد الأكبر من الأجناس الأدبية فقد تأخذ من بعض عناصر القصة لاشتراكهما في النثر القصصي. وقد تأخذ الإيقاع الموسيقي من الشعر، كما تفيد من التشكيل الفني البصري، كالرسم والتصوير والنحت، أو من فنون (السينما)، أو من المسرح، أو من الموسيقى، وهذه كلها فنون وأجناس مغايرة للنوع الروائي، والسبب هو مرونة الرواية، كما يمكن توظيف اللوحات التي تصور الوجوه والملصق السينمائي القديم، والوثائق التاريخية والمخطوطات وغير ذلك، دون أن يتنازل الروائي عن الخط الدرامي الحديث الجامع لحكايات الشخصيات.
وقد يمتد تداخل الأجناس إلى اللغة بحيث تأخذ الحكاية الروائية من اللغة فوق ما تحتاج إليه، فتصبح اللغة فائضة عن حاجة التعبير عن الحكاية الروائية، وكأنها هدف للرواية، أو تفيض عن حاجة التعبير لتتسيد وتجاور الحكاية دون أن تلغيها.. والأمثلة كثيرة
امبرتو ايكو قال في إحدى المرات إنه إذا ما قرر يوماً كتابة رواية، فإنها ستكون في دير من أديرة العصور الوسطى، وهذا ما فعله بالفعل في روايته اسم الوردة حيث ضمنها موضوعات شيقة تطلق المخيلة، كالألغاز والمتاهات، والجرائم، والمخطوطات الضائعة، واللغات البائدة، والأبواب والسلالم السرية، والأرقام المرمزة، والرسائل المشفرة، وغيرها الكثير، بما في ذلك مكتبة على شكل متاهة، خلال فترة حالكة هي سنة 1327.



Share To: