قالت الدكتورة جمانة: أبي أنا لا أفكر بالزواج، لا أريد أن أفارقك، لا أتصور حياتي بعيدا عنك.
ثم قامت و احتضنته.
رد السيد كنعان: يا ابنتي ليس لي سواك في هذا العالم و أنا أريد أن أرى أحفادي و أفرح بهم حلمت بهذا اليوم طويلا، من غير الممكن أن تستمر حياتك على هذا النحو، تذهبين إلى عملك في المستشفى و العيادة ثم تعودين إلى المنزل متعبة منهكة، ورفضت حتى الاستعانة بخادمة، أرجوك فكري كيف تسعدين نفسك.. لا تهتمي بي سأكون بخير.. أرجوكِ..
هذه ليست المرة الأولى و لن تكون الأخيرة التي يكلمها والدها بالموضوع.. هي فعلا لا تستطيع تركه فهي متعلقة به جدا.. وهي فعلا لا تستطيع الزواج ليس فقط لهذا السبب.. فوالدها لا يعرف أمرًا كلما تذكرته انهمرت دموعها..
فهي كانت تشعر دائما أن شيئا ما ينقصها، و بالتحديد بعد وفاة والدتها عندما أصيبت باكتئاب شديد و أخذها أبوها لمراجعة الطبيب النفسي وخضعت للعلاج وهي ماتزال في الرابعة عشر من عمرها.. وهذا ما جعل أبوها لا يفكر بالزواج بعد أمها خوفًا عليها.
و عندما أصبحت طبيبة نسائية عرفت أن لديها مشكلة صحية و قررت عمل مجموعة فحوصات فتبين لها أنها عاقر و لن تنجب..
وكم من طبيب تقدم لها و عندما صارحته انصرف عنها حتى كرهت الرجال. من غير الممكن أن والدها لا يعرف كم تحب الأطفال.. إنه قدرها وقد قبلت به.. انهمرت دموعها من جديد ككل ليلة...
إن الحياة لا تعطي كل شيء، منحها الله الجمال و الفطنة و النبوغ منذ الطفولة، أحرزت الأولى على البلدة في الشهادة الثانوية، انكبت على دراسة الطب و تخرجت منه بتفوق و تخصصت بعده بالطب النسائي لإيمانها أن المرأة بحاجة لطبيبة مرأة مثلها.. هذه الليلة كان البكاء مختلفا، كان بحرقة مختلطا بالرجاء إلى أن نامت..
وصلت المستشفى صباحا كعادتها تمر بمريضاتها، ثم خرجت و إذ صوت من خلفها يناديها، التفتت فوجدت الدكتور سامر، تفاجأت به إذ انه كان ذهب للعمل في دبي، يبدو وكأنه كبر كثيرا و علامات الحزن على وجهه.. أرادت أن تهرب ولكن إلى أين؟
استرجعت جميع ذكريات الماضي، عندما كان سامر يدرس معها الطب و كيف وقع في حبها، ولأنه كان انتقل من كلية العلوم تخرجت قبله.. ولما انتهى هو من الامتياز كانت هي شارفت على الحصول على الدكتوراة. ومع ذلك كانت قصة الحب بينهما عنيفة، أخذت منها وقتا طويلا حتى نسيتها، و قدانتهت هذه العلاقة بعد ان عرف أنها عاقر..
قال الدكتور سامر: جمانة لم أنسك.
ابتعلت ريقها وقالت: أنت الآن متزوج فأخلص لزوجتك.
رد سامر: زوجتي توفيت بحادث قبل ستة أشهر و تركت لي طفلا عمره ٣ سنوات..
تفاجأت جمانة ثم قالت: رحمها الله، عن إذنك.
شدها من ذراعها و قال: أتتزوجينني؟
كادت جمانة أن تغيب عن الوعي ثم قالت: عن إذنك. وذهبت
أكملت يومها بصعوبة، ثم عادت إلى منزلها، دخلت لتحيي أباها فوجدت سامر جالس معه و السيد كنعان يكاد يطير من الفرح.. ثم قال لها: يا ابنتي لقد آن الأوان. فابتسمت.
Post A Comment: