ما كانَ خمراً أو دَماً مسفوحا 
حتّى أُحَرِّمَ شهدَها الممنوحا 

ما زالَ يجري في العروقِ سلافُهُ 
حتّى تَكَفَّل َ بالشذى  لِيَفُوحا

والقلبُ خامَرَهُ الهوى حتّى صفا
فَتَفَتَّحَت  أعماقهُ   تفتيحا

ليضمَّ طيفاً للحبيب مُراوِداً
ويمدَّ جسراً نحوه   مفتوحا

ليت الفواصلَ بيننا   مطويَّةٌ 
لأُطيلَ في عتباتِه التسريحا
 
حَكَمَ الوشاةُ  بأنّ قلبيَ  آثِمٌ 
إن مسَّ ثغري للورودِ نُفوحا 

وثوابتُ الأعرافِ  ألّا أنثني 
لمفاتنِ  الدنيا  ولو  تلويحا

لكنّما القلبُ الصديُّ إذا اكتوى 
بالحبِّ أمسى لا يردُّ مَنيحا 

للدِّين وحْيٌ لا يميلُ مع الهوى 
والعاشقون  لهم هوىً  لا يُوحى 

وأنا المُوَزَّعُ بين هاتيكَ الرُّؤى 
ما رُمتُ بين الكفتينِ رُجوحا 

وأفرٌّ من نفسي إلى نفسي كمَنْ 
لَقِيَ الضراغمَ فارتمى مسدوحا 

كم  في الزوايا من خبايا حُجِّبَت
وأنينُ وجدي آثرَ  التوضيحا

فَوَشَت به الأشواقُ عند عواذلي 
لمّا تَبَدّى في القصيدِ جريحا 

والريشةُ البِكْرُ استمدَّت من يدي 
قُوتَ الحياةِ وشاركَتْني الرُّوحا 

والواهمونَ على شفيرِ ظنونهم 
صلبوا الجمالَ وقدّسُوهُ مَسيحا 

والحاسدون على فراغِ عيونهم 
مسخوا الصريحَ وحرَّموا التلميحا 

والمُترفونَ بلُقمةِ الناس اشترَوا 
في  كلِّ  مُغتنَم ٍ  لهمْ  تصريحا 

وكأنَّ بعدَ مَجرَّةِ الطُّوفانِ لم 
يجدوا على متنِ السفينةِ نُوحا 

ونسوا مواثيقَ الصراط ولم تزلْ 
تُتلى  ولكنْ  حمَّلوها  الرِّيحا 

داءٌ  بقابيلَ استَجَرَّ  عُقارَهُ 
صَلِفٌ تَجاوزَ حدَّهُ المسموحا

وثَنٌ أفاقَ على هجوعِ مَحجَّةٍ 
وأشادَ من وهمِ الخيالِ صُروحا

من كوَّر الأرضَ المسطَّحَةَ اعتلى
في غيِّهِ وتَأَوَّل التسطيحا

ليكونَ للشيطانِ  أوَّلَ  تابعٍ 
ويحوزَ تاجاً عندَهُ  ومَديحا

سدَّ الثغورَ على العبادِ  وبعدَها
حجبَ الضميرَ وصوتَهُ المبحوحا

والصوتُ مثلُ السيفِ مثلومَ الشَّفا 
والصمتُ غُنْمٌ قد يقيكَ جروحا 

والحزمُ بالعزمِ المقيَّدِ خائرٌ
فاختر لنفسكَ ميتةً لتُريحا 

أو أمسكِ الفأسَ العظيمَ مُحَطِّماً 
كلَّ التماثيلِ المُجِلَّةِ  بُوحا 

ما طائرُ الفينيقِ غيرُ خرافةٍ 
وظنونُ مخدوعٍ أعدَّ ضريحا

فالنارُ  لم  تَبرد   لغيرِ  مُكرَّمٍ
نبَذَ  الضلالَ فأُلهِمَ التسبيحا

والبحرُ لم يُفرقْ  لغيرِ  مُكَلَّمٍ
جُعِلَت عصاهُ مَعاجزاً وفُتوحا

والغارُ لم يُفتَح  لغيرِ مُحمَّدٍ
ليقودَ قوماً عظَّموا السبُّوحا

وسنابلُ الأملِ الجنيَّةُ أشرقت
تحتاجُ كفَّكَ منجلاً مصفوحا 

لن  يرفعَ  التاريخُ  إلّا  سيِّداً
جعلَ الكرامةَ سمتَهُ الممدوحا 

فاجعلْ يمينكَ حرّةً في كَسْبِها 
واسْلَمْ لتغدُوَ في الورى وتَروحا 





Share To: