أنا المسجونُ
بينَ سُطورِ أوراقي
تمزقُ قلبيَّ الأحزانْ ..
تشاركني ليالي البؤسِ أفكاري
وتنزعُ ساتري عني
وتطرحني وتقذفني
ببحرٍ ما لهُ شطآنْ ..
أنا العربيُّ يغمرني
حنينُ العاشقِ الباكي
على أوطانهِ الولهانْ ..
أنا العربيُّ
من دانت له الأشعارُ
والبلدانُ والأزمانْ ..
فهل أبكي علي يمنٍ
لقد أسْمَوْهُ مِن زمنٍ
سعيداً طيباً فرحاً
بهِ الأمجادُ والأركانْ ..
وصارَ اليومَ
مجروحاً ومكسوراً
ومحزوناً ومكلوماً
ومقطوفَ الزهورِ
البيضِ والريحانْ ..
أ هلْ أبكي على شامٍ
غزيرَ الدمعِ أبصرهُ
ويُبصرهُ على مرأىٰ بنو الإنسانْ ..
وبعضٌ من ملوكِ الجانْ !!!!! ..
وحوتُ البحرِ يُبصرهُ
ولؤلؤةٌ وأصدافٌ
وأصنافٌ من المرجانْ ..
أنا الليبيُّ يخنقني
دخانُ الحربِ في بلدي..
يخربشُ صورتي السمحاءَ..
من يغزو من الجرذانْ ..
فأين الأردنُ العربيُّ..
يا غرباً ويا شرقاً
ويا أعرابْ
من أزلامِ من أوثانْ .. ؟؟
أنا الصومالُ يعصرني
عذابُ الجوعِ
والأيامُ تصفعني
وتركلني ..
وتلقيني أياديكم..
إلى دوامةِ النسيانْ ..
فأين المغربُ العربيُّ ؟
أين خليجُنا العربيُّ ؟!
أين جزائرُ الشهداءِ ؟
أين عُمَانْ ؟...
وجيبوتي وموريتانيا ..
وآل سعودْ ..
وأينكِ تونسُ الخضراءُ
من عَربٍ
بلا مأوىٰ ولا أوطانْ ..
فيا بيروتُ لا لليأسِ
واصطبري ..
فأنتِ الحُسْنُ في لبنانْ ..
أنا الأقصىٰ
وتنزفُ مِن شراييني
دماءُ الطهرِ..
من همجيةِ الماسونِ والصهيونْ ..
مِنْ ساديةِ العدوانْ ..
فأينَ عراقُنا
المغروسُ في أحشائهِ قهراً ..
خناجرُ موتةِ الخذلانْ .. ؟!
أنا من دشدشدوا عظمي
انا من مزقوا لحمي
أنا منكم أنا فيكم
أنا المقسومْ يا أهلي
أنا نصفانْ ..
أنا السودانْ ..
أنا المصريُّ عُكازي
تآكلَ من دوابِ الأرضِْ ..
فيا ويلي على جسدي
لقد خرَتْ مفاصلهُ
بفعلِ القرضْ ..
ويا ويلاهُ أبنائي ..
وكلُ شبابِ أحلامي ..
تخاصمُهمْ صلاةُ الفرضْ ..
.. نقاءُ النيلِ ما أضحىٰ
كما قد كانْ ..
وتجري في منابعهِ
سيولُ الحربِ ...
تجري الآنْ ..
وكم قتلت لصياديهِ أسماكاً
سمومُ الفاتكِ الثعبانْ ..
وكلُ العالمِ الغربي ..
والسفراءِ والحقراءْ ..
قد سكتوا ..
وقد صُمَتْ لهم آذانْ ..
إلى سلطانِنِا العربي..
إلى بيبرس والأمراءِ والوالي ...
إلي أيبك إلى أقطاي ..
إلى قاضي الولايات الذي يقضي..
بما قد خطهُ التمثال ..
إلى التمثال..
أقولي ضلالٌ يا تمثالْ؟!!
… إذا قد كنتُ كذاباً …
فعاقبني وعذبني ..
وكهربني وعلقني من الأقدام..
لتجبرني على الإدلاءِ معترفاً ..
بما لم أرتكب يوماً من الإجرامْ ..
وأغرِقْ وجهي في برميل..
وسلسلني وجرجرني..
بقيدِ الماكِرِ السجانْ ..
وفي زنزانتي جهزْ
كلابَ حراسةٍ جوعى
لترعبني ..
وتنهشني بها الأوساخُ ..
والأوغادُ والديدانْ ...
فرفقاً أيها التمثال ..
فأوطاني بلا أملٍ ولا عملٍ
ولا سلوىٰ ولا مَنٍ
ولا سقفٍ لأهلِ الدارْ
ولا تزويجَ للفتياتْ
ولا أموالَ للشبانْ ..
وإن الشعبَ مطحونٌ
وإن العلمَ محبوسٌ
وإن الطهرَ والأعراضَ
والإجلالَ والإكرامْ....
صاروا في يدِ الخوانْ ..
فحسبُكَ أيها التمثالْ ..
فمطلبنا بأن نحيا
فقط نحيا ..
بلا مالٍ ولا جاهٍ ولا ولدانْ
فقط نحيا ..
على عتباتِ أوطاني
بأمنٍ وافرٍ وأمانْ..
ولا نبقى طوالَ العمرِ
مطرودينَ محرومينَ ..
منفيينَ في البلدانْ ...
فإن حققتَ مطلبنا
فشكرا أيها التمثالْ
حماكَ الله..
فأنت الراكبُ العالي
وأنت الآمرُ الناهي
وأنت القانصُ الرامي
وأنت المدفعُ الآلي
وأنت القائدُ المغوارْ
وأنت محركُ الطيرانْ..
وأنت بعينِ أقوامٍ
كأنكَ ماردٌ شيطانْ..
ورُبَ يراكَ أقوامٌ
كأنكَ واحدٌ قهارْ !!!!
تعالى الله عن قولي
وتشبيهي وتصويري
هو الغفارُ والرحمٰنْ
والجبارُ والقهارْ
رَبُ المُلكِ والسلطانْ ..
"""""""""""
Post A Comment: