قَالَ لي نَدِيمي
وَهُوَ يَرْمُقُني بِنَظْرة بارِدَة
خُذْ حِصَّتكَ منْ دَمِ الرَّيح الشَّارِدَة
وَ انْسَ أنَّكَ مشَيْتَ يوْماً مَا 
في هَذا الدَّربِ
معَ هَذا الشَّعبِ
مُحمَّلاً بأَوْزارِ الشُّهَداء الْمَيامِين 
وتَنْهيداتِ الْعَاشِقين
وزَفَراتِ الكَادِحين
خُذْ غَيْماتَكَ
وخَيْماتَكَ
وارْحَلْ بَعيداً.. في النِّسْيانِ
ارحَلْ وَئيداً.. في التِّيهانِ
قُصَّ أجْنِحةَ اليَمامِ
يَمامَكَ
كيْ لا يُراقِصَ في قَادمِ الْأيَّامِ 
أَحْلامَكَ
كُفَّ عنِ الْهَذَيانِ
أَفْرغْ ذاكِرتَكَ منْ غُبارِ الْيَسارِ
وغَباءِ الثُّوارِ
ثمَّ اشْحَنْها بِأَسْمائيَّ الْحُسنى
و إِذا نَسِيتَ
أوْ اخْتَلطتْ عليْكَ الأَضْواءُ 
والأَهْواءُ
افْتحْ كتابكَ باليُمْنى
وَ اذْكُرني
هَكَذا قالَ لي نَدِيمي
وهوَ يُشبِكُ أَصابِعَ يَديْهِ الْمُلوَّثتيْنِ 
بِصَدى نَحِيبٍ 
وَنشيدٍ كئيبٍ
قلتُ لهُ يا نَدِيمي
وَيَا غَريمِي
أَيُّها الْمُنْذرُ بِالجَحيمِ
ليْسَ كتابُكَ إلاَّ حبْلاً منْ مَسدْ
و حَشْرجةَ بَلدْ
أَنا النَْبيُْ الْمَنْقوعُ في السَّديمِ
ابنُ الرِّيحِ
ينْهمِرُ الضَّوءُ كَثيفاً منْ شُقوقِ ذاكِرَتي النَْازِفة
الْغيْمُ رَفِيقي في الْعُيُونِ الدَّامِسَة
والنَّدى مَسْعايَ 
وَ خيْمةُ اليَسارِ مَنْفايَ 
ومَثْوايَ. 



Share To: