ملف القراءة في الوطن العربي ملف ثقيل و شائك ، و هو إشكالية مجتمعية عربية عامة ، فأمة إقرأ لا تقرأ و لا تريد أن تقرأ ، و السؤال المطروح هو من يتحمل مسؤولية تراجع القراءة في الوطن العربي؟ و كيف نجعل من لا يقرأ يقرأ ؟

فالقراءة ليست هي البوابة الوحيدة في الحصول على المعرفة ، إلا أنها بوابة المعرفة الكبرى ، و على المجتمعات العربية فهم هذا جيدا ، و استثماره  من أجل الوصول إلى النهضة .

الفرد العربي لا يتحمل  إشكالية ملف القراءة وحده ، و لا تتحملها الأسرة وحدها و إنما تتحملها أيضا منظومة ثقافية متكاملة، تتسم بقدر من الإشكاليات التي ولدت حالة القراءة الهشة  في الوطن العربي .

فالقارىء العربي عليه ان يعرف ماذا يقرأ و متى يقرأ ، و كيف يقرأ ، و عليه ان يحب القراءة ، لأن حبه لها سيولد لديه الوقت ليقرأ  ، كما يجب عليه الإعتناد على منهجية علمية جادة يستعملها في القراءة المكتوبة .

اما الأسرة فبغض النظر عن المستوى المعيشي لها ، عليها الإيمان ان الطفل يحتاج إلى صناعة روح و عقل كما يحتاج إلى غذاء يغذي جسمه ليكبر .
و عليه سيكون من واجب  الأسر ان تهيء الطفل و هو بسن مبكرة للقراءة ،  و تنمي لديه الإستعداد للقراءة ، و عليها ايضا أن تحببه في القراءة من خلال رؤية والدين يقرٱن ، و إخوة يقرؤون ، و توفر له كتبا مصممة بقماش حتى يألفها الطفل الصغير كما يألف ألعابه الجميلة .
و على الأسرة ايضا تخصيص مكتبة منزلية بها مواد مقروءة متنوعة مثل الكتب و المجلات و غيرها شرط أن تختارها بعناية .
كما على الأسرة الإهتمام و الإعتناء بالمكتبة كما تعتني بالأجهزة الكهرومنزلية في المنزل .
و عليها ألا تعتمد كليا على المدرسة بخصوص تعويد الطفل على القراءة ، بل تتقاسم هذه المسؤولية معها.

فالمؤسسات التعليمية هي الأخرى لها بصمة ظاهرة في تأخر القراءة في الوطن العربي ، و السبب الاكبر في ذلك هو حشو المنهاج التعليمي الذي لا يوفر وقتا لقراءة كتاب داخل مدرسة ،  حتى ان هناك الكثير من المدارس العربية لا تتوافر على مكتبات داخلها من اجل القراءة و المطالعة ، و هذا ما تسبب في نفور الطفل و الشاب العربي من قراءة الكتب ، لعدم تعوده على ذلك .

و من هنا وجب  على المؤسسات الحكومية الإعتناء بملف القراءة ، و اعتباره هما داخليا و وطنيا يجب التعامل معه بكل موضوعية و احترافية ، و إيجاد حلول لعلاج قضية القراءة مثل محاولة تخصيص ميزانية للكتب و المكتبات ، و الإعتناء بها ، و منح الكاتب او المؤلف وظيفة الكتابة ، و تخصص له راتبا شهريا ليتفرغ للكتابة فقط ، كما تفعل المجتمعات الغربية.

و على الأسرة و المجتمع بكل مؤسساته الحكومية و التعليمية الإيقان انه إذا استطاع الإنسان تنظيم نفسه فكريا و معرفيا بشكل جيد و صحيح سيستطيع المساهمة في مشروع النهضة فيكون هو المشروع ، او يدعم مشروعا ، او يُكَوِّن مشروعا  .



Share To: