••••••••
استوقفنى الرجل الضخم مدرب الملاكمة بالجامعة ليقترح انضمامى لفريق الملاكمة بالجامعة ..
مندهشا نظرت اليه وسألته ان كان يقصد فعلا ما يقول أم أنه يمازحنى ..؟
فقد كان نحافتى بادية لكل ذى عينين ..
فتى يبلغ طوله ال ١٧٥ سم فى الوقت الذى لا يتجاوز فيه وزنه ال ٥٦ كيلوجرام ..
فاجأنى الرجل بأنه جاد فى حديثه واستطرد مبينا جديته بأن أوضح وجهة نظره الفنية فى الموضوع ..
فهو يرانى خفيف الوزن وأن ذراعاى طويلان كما يريد وأن هذه مؤهلات يضمن أن أحصل على بطولة الجامعة بعد فترة قصيرة من التدريب ..
لم يخطر ببالى يوما أن أرانى ملاكما أو ممارسا لأى من رياضات العنف ..
ربانى أبى على اجتناب الصراع بكل صوره خصوصا الصراع البدنى ..
وكثيرا ما كان يردد على مسامعى تحذيره لى من التشاجر مع زملائى او غيرهم ..
بل وكان يبالغ الى درجة القول : 
لو أن أحدهم أمسك بثيابك وتعلق بها اخلعها عنك وعد إلى سالما وسأشترى لك أفضل منها وان عدت الى متشاجرا ستنال عقابك منى ..
كلام من الأب يتكرر على مسامع الصبى الصغير وشيئا فشيئا ترسخ الكلام فى وجدان الصبى فكان يتحاشى التعارك مع الرفاق الا فى حالات الإضطرار ..
لم يكن ذلك طبع الناس فى قريتى ..
فما أن يدخل الصبى على أهله باكيا وعليه آثار العراك الا ويأخذه أحد أبويه الى بيت من ضربه ولا يمر الأمر ببساطة ..
وكان أبى حالة متفردة فى الموضوع ..
وعذره كما فهمت حينها وبعدها أن الرجل فقد سبعة من الأبناء ذكورا وإناثا وهم أطفال صغار مما جعله يخاف على من تبقى من الأبناء ويسعى بكل ما وسعه للحفاظ عليهم وفق رؤيته ..
مر شريط الذكريات أمام عينى فى لحظات لأستفيق على سؤال المدرب العجوز :
                            هيه يا استاذ موافق واللا لأ ؟
وافق وأنا أضمن لك بطولة الجامعة والمنافسة على بطولة شباب الجامعات ..
وكان الرد على غير ما يهوى الرجل :
يفتح الله يا كابتن ..
أنا مليش فى الملاكمة ..
يا ابنى فكر فى الموضوع ع الاقل تبعد عن السياسة ووجع الدماغ ..
لا يمكن أبدا يا كابتن شوف حد غيرى ..
يا ابنى انت الصورة اللى أنا عايزها ..
معلش يا كابتن أنا آسف ..
وظللت طويلا كلما تذكرت هذه المحادثة أبتسم وأنا أتصور نفسى واقفا على حلبة الملاكمة أصول وأجول وأتلقى اللكمات وأردها لخصمى وأقول فى نفسى معقول كان ممكن تكون بهذا العنف ..




Share To: