وكأنهم كانوا ينتظرونني أنا بالذات وكأن لا عمل لهم ولا وظيفة إلا رعبى وتخويفى وأذيتى ،وكأن؛ بينى وبينهم ثأر قديم أي ذنب أقترفته! لا أعرف ولا أتذكر أننى أغضبت أحدهم يومآ ؛ كانوا ينتظرونى فى الماضي البعيد هناك : تحت شجر الجميز وأساطيره التى لاتنتهى وخاصة جميزة عم :عبد الجليل الديب والقريبة من بيتنا ، و بداخل بوص مصرف المياه الكثيف ، وبوص الترعة الأكثر كثافة ومياهها الأكثر عمقا، وعلى الجسور،والخرابات و فى كل مكان مظلم أكون فيه وحدى ،وأشد من كل ذلك الظلام؛ ظلام عقلي، ومن قبله نفسى البسيطة التى تشارك فى إنتاجهم مجتمعين من أجل تعذيبى ورعبى وتخويفى كان؛ الظلام الذى يلف القرية ويصبح علما عليها بعد؛ آذان المغرب ،و في صوت الصمت ،والرهبة النفسية من كل ما سبق ذكره .
كان يساعد النفس والعقل على إنتاج تلك الكائنات الخرافية المرعبة بصورة أبشع من كل مرة ؛ظلام القرية ، كنت كل مرة أراهم فيها تحتبس أنفاسي وهل كنت أراهم ! حقيقة بالفعل أم كانت تلك سطوة وقوة الحكايات على نفسي الهشة الضعيفة هل رأيتهم بالفعل أو أنا تخيلتهم فكثيرا ما تخيلت وسمعت "الجارية "التى سحرت المسحور ،والذى كان فى الماضي شخصا عاديا ، فهى الآن بعد أن سحرته تأمره أن يؤذينى ويعترض طريقي وهي جالسة تمشط شعرها الذى هو ناعم طويل ؛ كالحرير وأصفر ذهبى لامع بعد أن يسقط عليه ضوء القمر ، وكانت تحسدها على ذلك نساء قريتنا ،وتمنت غالبيتهم أن يصبح؛ شعورهن مثل شعر الجارية ، والذى هو يغطيها من أسفل لأعلى فهو بطول قامتها... ،فالمسحور يعمل وينفذ كل ما تطلبه منه فهو مسخر لما تأمره به وإلا تعرض لعقابها ، بل هو خادمها المطيع الذى لا يستطيع أن يعصي لها أمرا وهو يدرك ذلك جيدا.. فهى من سحرته فى الماضي ثم تطلقه بالعذاب والإنتقام على من تريد من أعدائها ومن تريد أذيته من خلق الله كانت هذه صورتها التى أستقرت فى نفسي عنها.
، هل أنا رأيت "العون "فعلا حقيقة ، أم تخيلته على هيأة حمار يغريك بركوبه فإذا فعلت وركبته أخذ يعلو بك حتى يبلغ بك السحاب ثم يلقيك على الأرض ، وهو يلهو بك ويسخر منك لأنه ليس حمارا حقيقيا! ، وهل رأيت "النداهة " ذلك الكائن الأسطورى و المخلوقة الخرافية التى تسكن الخيال الشعبى بقوة ، أما تخصصها فهو إغراء الشباب خاصة ، بعد أن تظهر لهم في صورة امرأة جميلة ساحرة فاتنة ،فتغويهم وتناديهم ، وتحثهم بمزيد من الإغراء ؛ بالسير خلفها ثم يجد الشاب نفسه فى بلد آخر مغمى عليه دون أن يدرى كيف جاء إلى هنا بعد أمتصاص دمه ،حكاية عجيبة تلد حكاية أعجب منها والأغرب لا يكف الخيال الشعبى عن إنتاج الكثير والمخيف والمثير منها ،وكان من يستمع للقصة وأراد قصها لآخرين يضيف هو الآخر لها بعد ما ينتجها هو بصورة جديدة بعد أن أعمل فيها خياله ونفسه وأصبح هو الآخر مؤلفا ، ولعل ذلك الخيال الشعبى الجمعي صاحب الفضل الأول فى إنتاج ألف ليلة وليلة ، وهكذا لا يكف الخيال والعقل الجمعي تحت وطاة الظلام العقلي ،قبل الحسي عن الإنتاج ، لا أذكر لكم.. كم مرة كاد قلبى أن يتوقف ، وتحتبس أنفاسى وأنا أتخيل أو أشاهد ذلك ألاف المرات والغريب أننى أنا من كنت أبحث عن تلك الحكايات .
Post A Comment: