إحساس أبيض ، في طقس أبيض ،يشبه السكر الناعم ،لكنه بارد ،تفيض مشاعرك بالنعومة و بالبرودة  ،سماء داكنة ،تعلن لعنتها البيضاء  ،حين يتساقط الثلج و كأن كريات القطن الباردة تلامس وجهك بنعومة ،و طقس مزاجي متعكر ،يشبه المشاعر. 
ترى ؟ هل هو غاضب ،أم هي فرحة الطبيعة في فصل الشتاء 
مدافئ تعلن التسلط بدخانها المتطاير نحو السماء ،و نار وقودها الحطب و الفحم الحجري ،هنا و كأننا من عصر آخر ،من العصور الوسطى ،أحيانا ينقطع التيار الكهربائي ،و حتى تلك الطرق الموصلة ،تصبح بيضاء ،تنمحي آثرها ،فتكاد لا تبصر .
لغة بيضاء تحدثك ببرودة أعصاب و ببرودة الياسمين الأبيض المغاير لياسمين بلادي ...
و بالرغم عنك ،تصبح شاعرا و قديسا و نبيا ، و حتى فيلسوفا، يحب لغة الثلج الجميلة  ....
هستيريا من الفرحة تتلوك ، تمشط فيك كل الذكريات الجميلة... و تسمع دقات الكنائس ، تعلن صلواتها مباركة لهاته النعمة الالهية ، و حتى آلهة روما لم يفلحوا في صلواتهم و لا قرابينهم بسقوط هاته الكمية من الثلوج و كأنه بساط من الطراز الرفيع الباهظ الثمن الذي لا يرى إلا في بلاط الملوك و الأميرات النواعم... 
أحيانا ، تتسلط عليك الفرحة ، فتجري بين الحقول البيضاء ، تلامس كريات الثلج ، تغني تطير فرحا في عالم أبيض بارد ، تجعل من الأرض خرائط ذهابا آتيا ، ترمي بجسدك على الأرض و تتلمس جسدا أبيض و كأنه لأنثى من الحلم بيضاء أو من جنة الخلد ،التي لم يطمسها إنس و لا جان ، و تطمس تلك الفراشات البيضاء بيديك و برأسك و بوجهك ، تتذوق نعومة الثلج و برودته الآتية هبة من السماء. 
و أحيانا أخرى يتسلل إليك البرد الأبيض ، عبر المعاطف و عبر الطواقي ،و تهرول لتدفأ نفسك بين أغطية الشتاء على سرير ملوكي
تحس و كأنك طفل ، لازال يحتاج إلى أن يلعب و يجري و يقفز كالأرانب و يغني كالعصافير ، فعلا أنا طفلة لازلت أحبو في معالم الثلج و هذا العالم الأبيض.
و في تلك تمر من أنفك عطور ، بيضاء ، تتسلل إلى روحك ، فاصبح شاعرا بالرغم عنك ، تصبح محسا ، مدركا لجمالية الثلج و لهذا اليوم الراقي ، يوم يليق بالأبيض .
ها في جبال السيرا نيفادا بغرناطة تتجمل بأحلى حلتها البيضاء و بمعاطفها البيضاء الجميلة ،و ها هي جبال السيريا كذلك ترقص ثلجا ،و هاهي جبال الآلب  تزداد جمالا ،و قرطبة و إشبيليا و فالنسيا و مدريد و كاستيون و كوادا ليست كذلك ، تحث وطأة إعصار  أندلسي أبيض ،و كأن ملوك الأندلس ،قد قاموا من مرقدهم هذا ليحتفلوا بحلة الأندلس البيضاء
تحس و كأنك من عالم سيبيري بإمتياز و كأنك من سكان إحدى القطبين المتجمدين ، تتذكر أغاني فيروز
ثلج ثلج
و بيت صغير في كندا
و رجعت الشتوية
تتغنج و تغني لفيروز ذكرا ، و كأنك من لبنان ، هنا كذلك في الأندلس ، توجد غابات الأرز ،التي تعطيك إحساس بأنك في لبنان أيضا
يا له !!!!من إحساس أبيض بارد 
ما أسعدني بك يا أيها الثلج ، أكيد كما قلت صباحا  أبيضا يليق بنا  ، و يليق بشتاء الزمن الصعب ، زمن الكيوفيد ...
دعونا لنفرح و لو لأيام ....لأسبوع...لشهور.... فأنا لست بالمحايدة على الفرح و لست بالمطلقة على الحزن....
عالم أبيض ،أكيد يفرحني ،لكن بعد ذلك أحس بالضيق ،و خاصة حينما تبقى أسبوع ،لا ترى سوى العالم الأبيض...




Share To: