من أهم عجائب الدنيا السبع أهرامات الجيزة الشامخة بشكلها الهرمي منذ قديم الأزل تقف راسخة في مكانها لتدلل على ما كانوا عليه من قدره عجيبة في البناء والعمارة بخلاف بهو الأعمدة ومعبد الكرنك وغيرها من الآثار والأماكن التي لا تزال موجودة حتى يومنا هذا.
أما على المستوى الإنساني فنجدهم أول من اكتشف الموسيقى ، كما نرى الرسوم والكتابات على المعابد وكل ما يتعلق بمقومات الحضارة الحديثة كان يؤكد بشكل كبيرأنه مجتمع متحضر حديث.
في النهاية ماذا وصلت إليه الحضارة الفرعونية؟؟ اندثرت بعد أن بلغت أوج تقدمها. وسأسرد باقي الفكرة بعد سرد أمثلة أخرى لحضارات مختلفة .
الصين
ننظر إلى حضارة أخرى وهى الحضارة الصينية وهذا السور العظيم الذي يجعلنا نقف متسائلين كيف بني هذا السور دون وجود آليات البناء الحديث، وليس فقط سور الصين العظيم ولكن أيضا امتلكت هذه الحضارة جماليات في الفن والثقافة موجودة إلى الآن في معتقدات ومعابد الصينيين ولا يزالون متمسكين بجزء مما بقي منها في حياتهم، وهذا يؤكد أن ما كانت تمتلكه هذه الحضارة من ثقافة وفن وعلوم وغيره يظهر جليا في كل الآثار المتبقية من الحضارة الصينية .
بابل
نأتي إلى حضارة بابل وهى أيضا من الحضارات القديمة التي ظهر بها أول قانون أو ما يسمى بالدستور في عهد حامورابى، بالإضافة إلى حدائق بابل المعلقة وأبراج بابل التي كانت من أهم مراصد النجوم وعلم الفلك. وكانت هذه الحضارة ممتلئة بالكثير من العلوم والثقافة والمعرفة وما يوجد من آثار يؤكد على ما كانت عليه هذه الحضارة من تميز، وما بقى من آثار مدينة بابل يعطينا فكرة عن شكل العمارة في هذه الحضارة وكيف كانت من أجمل البلدان التي لم يسبق لها مثيل .
الهند
وفى الهند يكفينا حكايات كليلة ودمنة لنعرف كيف كانوا على درجة عالية من الأدب والفكر، وكيف كان المستوى الأخلاقي لهم. أما إذا نظرنا إلى قصر تاج محل فسوف نرى أن هؤلاء البشر كانوا على هذه قدرة كبيرة في الفن والعمارة ولا تزال الهند تمتلك هذه الثروة البشرية الخلاقة. وما بقى من هذه الآثار المليئة بالأسرار الهندية يوضح لنا مدى ما يمتلك هؤلاء البشر من مشاعر في الحب والعلاقات الإنسانية .
كان للهنود رؤية في توجههم إلى رؤية الوجود الإلهي حيث توصلوا إلى أن الوجود ذاته هو الله ذاته وهو أساس النفس البشرية وأن الله ليس غريبا عن البشرية، كما توصلوا إلى أن الروح التي في كل واحد منا هي الله نفسه. وأصبحت تلك البصيرة هي البؤرة الأساسية للمسعى الديني في جميع الموروثات العظمى في نصوص اليوباشاند في الفترة الزمنية التي كانت 700 عام ق.م. ولم يطلب حكماء اليوباشاند من مريديهم أن يؤمنوا بهذا الاعتقاد، لكنهم أدخلوهم في طقوس تكريسية كان من شأنها توجيههم إلى أن يكتشفوا ذلك الاعتقاد بأنفسهم من خلال سلسلة من التدريبات كانت تجعلهم ينظرون إلى العالم بأسلوب مختلف. وكانت اليوجا من أهم الوسائل التي مكنت الناس من الوصول إلى نسيان الذات، بخلاف اليوجا التي تمارس اليوم .
الرومان
وبعد هذا نشأت أهم حضارتين في التاريخ وهما حضارتا الفرس والروم. كانت هذه الحضارتان من أشهر الحضارات وكانتا على صراع متصل سببه هو أن كل طرف يريد أن يكون الطرف الأقوى على الإطلاق ويمحوا الطرف الأخر.
ولكن بعيدا عن هذا نجد أن كل طرف على حدة كان له من العلم والمعرفة والثقافة والفنون الشيء الكثير الذي لا يزال أثره موجودًا حتى الآن. فأول من شيد المسارح كانت الحضارة الرومانية، وظهر فيهم أهم العلماء في البشرية الذين وضعوا لبنات العلم التي اهتدى بها باقي البشر فيما بعد وصولا إلى عصرنا هذا. وكانت الحضارة الرومانية قد سيطرت على أوربا وإفريقيا وخضع نصف العالم لسيطرتها، كما كانت تمتلك نظامًا سياسيًا حقيقيًا وأعرافًا وقوانين تحكم القصر الملكي والشعب كانت تدل على أنهم بالفعل يمتلكون أسسًا يقيمون عليها حضاره قوية حقيقية تستحق أن تحيا على مر الزمن.
ولنبدأ بالحضارة الإغريقية والرومانية. بدأت الحضارة الإغريقية في جزيرة في مستعمرة ملطية على ساحل بحر إيجيه (البحر الأبيض المتوسط) بآسيا الصغرى في حوالي 750 ق.م تقريبا. وكانوا يفكرون في الكون بأسلوب مختلف تماما عن ما فكر فيه المعاصرون لهم، وكانت محاولاتهم في ذلك جديدة ومستحدثة حتى أنهم لم يجدوا لها مسمى في وقتهم، إلا أنهم عرفوا بأصحاب المذهب الطبيعي لأن تفكيرهم كان يرتكز بالكامل على العالم المادي، والذي سيعرف فيما بعد بمسمى العلمانيين الذين يؤمنون بنظرية المنطق في فهم كافة الأشياء. وقد بدأت العلمانية في أواخر القرن التاسع عشر وكانت تسمى بالفلسفة الوجودية، وكان لها فروع متشعبة ومدارس عديدة ومختلفة.
كان سكان مستعمرة ملطية الإغريقية تجارا وكان جل اهتمامهم هو الإبحار ومسح الأراضي وعلم الفلك والحسابات الرياضية وعلم الجغرافيا، وتوصلوا إلى استنتاج ينتمي إلى طبيعة النفس البشرية. ولم يعرف كيف اهتدوا لمثل هذا الاستنتاج، فهل كان من أنفسهم أم أنه كانت هناك تراكمات سابقة أوصلتهم إلى هذا السبيل؟ أم أن الإنسان الإنسان بفطرته يؤمن بوجود قوة أساسية هي التي بدأت ببناء الكون وهي التي تحكمه؟ وعلى الرغم مما يتسم به الكون من تغيرات وتقلبات واضحة فقد كانوا مقتنعين بوجود نظام أساسي للكون يقوم عليه وأن الكون كانت تحكمه قوانين يمكن إدراكها بالعقل واعتقدوا أن ثمة تفكير أو تفسير لكل شيء وأن التناقض العقلاني الصارم سيمكنهم من اكتشافها.
ونظرا لأن قلة قليلة من الناس كانت باستطاعتها فهم أفكارهم فلم يكن لهم أتباع كثيرون، ولم يتبق من كتابتهم سوى أجزاء متناثرة. إلا أنه من الواضح أن هؤلاء الطبيعيين قد دفعوا بفكرهم إلى أقصى الحدود الممكنة للمعرفة البشرية وتفحصوا العالم الطبيعي بعمق أكثر مما كان ممكنا في زمانهم واعتقدوا أنه سيكون بإمكانهم الحصول على إجابة بتفحص بداية الكون فإذا استطاعوا اكتشاف المادة الأساسية التي كانت موجودة قبل الكون كما نعرفه فسيصبح بإمكانهم معرفته وسيتضح كل شيء بعد ذلك .
لم يكن الطبيعيون ضد الدين أو غير مقتنعين به أو معادين له، بل كانوا مقتنعين بأن هناك نظامًا كونيًا مهيمنًا تخضع له كل الكائنات. ولم تكن هناك معتقدات ثابتة عن بداية الخلق. وابتكر الإغريق فكرة الآلهة المتعددة مثل إله البحار وإله النار وإله الشر وإله الخير وإله الحصاد وإله الرياح، واختلقوا هذه الآلهة على شكل بشر ورجال ونساء فكان للحب الالهة أفروديت وكان هناك إله للحرب يدعى آريس وإله الفن أبوللو واله الجمال فينوس.
كان أتباع المذهب الطبيعي يفكرون بأسلوب مختلف عن الآخرين، فكان التنظيم السياسي المسمى دولة المدينة قد شجع موهبتهم على الوصول إلى إجابات عن الأشياء بأسلوب منطقي مستقل ، وكان النظام يستوجب المشاركة في كل قرار من قرارات المجلس التمثيلي النيابي ، ولأن الدولة -دولة المدينة- كانت لها قوانين موحدة غير شخصية كان الإغريق يتعلمون تقصي المبادئ المجردة العامة بدلا من محاولة الوصول إلى حلول مباشرة قصيرة المدى .
ظهر في هذا العصر من الحضارة الإغريقية بعض الفلاسفة الذين يودون الخروج من النظرة القديمة إلى العالم ونشأة الكون إلا أنهم لم يتخلصوا منها بشكل كامل.
ورأى الفيلسوف تيلس حوالي عام 580 ق.م أن (كل شيء من الماء والعالم مليء بالإله).
وانتحى فيلسوف آخر منحى آخر إذ إنه أعتقد أنه على الطبيعيين تجاوز المعطيات المادية الحسية والبحث عن مادة أساسية تختلف كليا عن أي مادة للكائنات الحية التي نعرفها فلابد أن الكون قد نشأ من كيان آخر أكبر احتوى كل الكائنات الحية اللاحقة في شكل جنيني أسمى لأنه ليس له خاصيات تنسب إليه ومن ثم لا يمكن تعرفه.
وحينما هزم الفرس جزيرة مالطا وهي مستعمرة إغريقية جنوب إيطاليا ، في نهاية القرن السادس قبل الميلاد طور فيلسوف اسمه برمنديوس توجها جذريا متشككا، حيث تساءل: كيف لنا أن نعرف أن الأسلوب الذي نحلل به الكون له أية علاقة بالحقيقة ذاتها؟!
Post A Comment: