أنا أكتب إذن أنا موجود . هذا يعني أن فعل الكتابة المرتبط بالوعي و الإدراك يبدأ من الأنا / الذات . و الذات الكاتبة تقف بالتأكيد في النقطة صفر. و النقطة صفر كما نراها تختلف عن نقطة الصفر عند موريس بلانشو ؛ الذي رأى الكتابة هي فعل العدم . فالذات الكاتبة عنده لا تبرح نقطة الصفر . و نرى أن الكاتب يتحرك من نقطة وجوده المدرك إلى فضاءات النص الزمانية و المكانية ؛ بدءا من النص نفسه كما يرى بارت عندما عرف نقطة الصفر الخاصة به ، و التي تختلف عن نقطة بلانشو .
هل قطع أحمد حمدينو المسافة بين المركز و أبعد نقطة مكانية ؟ أم كيف كانت حدود المكان عنده؟ هل قطع المسافة الزمانية بين نقطة الصفر ، حيث هو ، و حدود الزمن السردي ؟ أم كيف تعامل مع مسألة الزمن ؟ هذا ما نحاول الكشف عنه في هذه الورقة .
في القصة الأولى " شبه انفصال " يتحرك حمدينو بحرية في المكان و الزمان فيخرج سريعا من غرفته حيث الحرارة مرتفعة و المناخ جبلي و المروحة مشكلة ؛ يخرج إلى " بيت كبير يشبه إلى حد ما بيتنا القديم "ص8 . و نفهم من الأحداث التي عاد إليها الراوي أنه أحد أفراد قبيلة كبيرة . و الخلاف بينه و بين عمه صفوان يكمن في رغبته في الانفصال بالقبيلة عن بقية المدن . العم صفوان يمثل الجيل الأكبر و يدافع عن بقاء الوحدة ، و الراوي يمثل الجيل الثاني و يتزعمه ، و يريد الانفصال . المستوى الزمكاني هنا مختلف و خارج إطار المستوى الأول للراوي القابع في غرفته شديدة الحرارة . و في نهاية الجدل حول الانفصال من عدمه يفاجئنا الراوي بهذه الجملة : " كيف عرفت كل هذا و أنا كنت هناك مختبئا بذلك الشق ؟ " ص10 . جملة تعيدنا إلى أخرى سابقة " أظن أنه كان هناك شق بالجدار خبأت به عيني " ص9 الراوي مشارك في الأحداث بل هو صانعها لأنه هو من يطالب بالانفصال ، و مشارك في الحوار مع العم صفوان و شباب العائلة . و رغم ذلك يدخلنا معه في حسابات و تساؤلات بخصوص المكان و الزمان عبر هذا التساؤل الذي يطرح قضية مغايرة : هل كان الراوي موجودا في هذه الأحداث ؟ هل هو موجود حقا ؟ و المفاجأة الثانية هي الانتقال من هذا التساؤل الزمكاني إلى مواقف النفري " ما مني شيء أبعد من شيء و لا مني شيء أقرب من شيء إلا حكم إثباتي له في القرب و البعد " ص10 إلى أن يصل إلى قول النفري : " و قال لي لا بعدي عرفت و لا قربي عرفت و لا وصفي كما وصفي عرفت ." ص10
و استدعاء موقف القرب لمحمد بن عبد الجبار النفري في هذا السياق لا يخلو من معنى . أ لم يتساءل الراوي عن وجوده من عدمه ؟ عن المسافة التي من خلالها عرف كل هذا ؟ و يشرح عفيف الدين التلمساني موقف القرب فيقول : " ليس بعده أو قربه قرب مسافة و لا بعد مسافة . و ثبت أيضا أنه ليس شيء من الموجودات أقرب إلى الله من شيء منها و يعني به قرب مسافة ، و أما قرب المكانة فذلك محقق " ( ص70 شرح مواقف النفري لعفيف الدين التلمساني – تحقيق د. جمال المرزوقي – مركز المحروسة 1997 )
و قال التلمساني : " إلا حكم إثباتي له في القرب و البعد ، يعني إثباتي له في القرب المرتبي"( شرح المواقف ص70 )
و حين نقرأ : " بعد انصراف الجميع ، خرجت من حجرة جانبية فتاة جميلة .. " ص11 ، نتساءل : هل الحدث هنا يتصل زمكانيا مع الراوي النائم في غرفته شديدة الحرارة ؟ لا يمكن بأية حال أن يكون خروج الفتاة تاليا لخروج العم صفوان و أفراد القبيلة زمانيا ؛ و لا أن تكون الفتاة دخلت إلى نفس المكان الذي خرجوا منه . أحمد حمدينو تجاوز التراتبية الزمكانية ؛ قدم فلسفة خاصة للوجود ؛ لذا استعان بالنفري ليسهل عليه الأمر ، فيقدم عن طريق موقفه من القرب و البعد تعريفا جديدا للقرب و البعد و الخروج بهما عن التعريف التاريخي الجغرافي إلى آفاق روحانية .
ثم تواجهنا جملة ( هل عندي ابنة خالة ؟ هل انتهى الحلم أم ما زلت أحلم ؟ ص11) لتعود بنا إلى " لا أعلم متى جاء هذا الشيء إلا أنه أطل من فوق دولاب ملابسي القديم برأسه الأخضر و عينيه الصفراوين . أخذ يتحرك حولي في رهبة فكتمت أنفاسي ، و أسكت كل الصوتيات من حولي . " ص7 " هل استطعت أن أسكت صوت عقارب المنبه ؟ حقيقة لا أتذكر كل شيء كل ما أتذكره هو بداية استسلام الجسد و تحرر الروح منه ." ص8
نحن إذن بإزاء واقع مغاير يعيشه الراوي في حالة لا يدرك هو نفسه كنهها ؛ هل هي واقع أم حلم ؟ ينتفي هنا إذن الزمن التاريخي ؛ فلا نتوقع أن تتسلسل الأحداث تسلسلا تاريخيا منطقيا . و نتوقع أن ننتقل في المكان بشكل غير طبيعي . " إنت نسيت ، إنت نايم يا بني و لا إيه ؟ " تسأله ابنة خالته ص11 . لا نستطيع أن نجزم أنه نائم ، كذلك لا نستطيع أن نؤكد أنه صاح . " و لست أعلم هل كانت تلك الأحاسيس أيضا حقيقية أم بالحلم . " ص11 . ثم يعود إلى النفري ؛ إلى موقف الأعمال تحديدا " إنما أظهرتك لتثبت بصفتي لصفتك ، فأنت لا تثبت لصفتي إنما تثبت بصفتي و أنت تثبت لصفاتك و لا تثبت بصفاتك ." ص11 " و قال لي إنما صفتك الحد و صفة الحد الجهة و صفة الجهة المكان و صفة المكان التجزيء و صفة التجزيء التغاير و صفة التغاير الفناء . " ص12
" و استيقظت فزعا على صوت زاعق و أنا ألهث مما أنبأني أن روحي قد بذلت طاقة جبارة لكي تنتزع نفسها عنوة من ذلك الحلم و تعود للجسد . " ص12
هو حلم إذن ؛ و المسألة يسيرة ، إنه يحلم . ليت الأمر كذلك ، لكن هذه الجملة تنفي ذلك : " هذا الاستقلال لن يزيد الأمر إلا تعقيدا . " ص12 و تنسف هذه الفكرة تماما . إنه يتحدث عن الاستقلال الذي طالب به راوي القبيلة ، و الراوي الآن هو راوي الغرفة شديدة الحرارة ، يتحدث و هو على حافة فراشه . " و ارتفعت ضحكتي و ارتج معها جسدي فوق الفراش و لمحت ذلك الصغير برأسه الأخضر و عينيه الصفراوين يتقافز مبتعدا . " ص13 ، هذا الكائن الغامض يضيف إلى عالم حمدينو السحري الذي يتجاوز كل ماهو تقليدي .
في " نظرة عنترة " يتماهى الزمن فيصبح ( ذات يوم ص15) ، و المكان " ملعبنا المعهود المحاط من ثلاث جهات بسور نصف مكتمل و جداري منزلين مهجورين " ص15 ثم " كنت أسير خلف عنتر منقادا و أنا أنظر لموضع قدمي دون أدنى إحساس بالموقف أو الزمن أو من حولي . " ص8 الراوي في الملعب ، ثم الشارع ، ثم المنزل ، ثم المطبخ ، لكنه ذاهل عما حوله . و في النهاية " الشيء الغريب الذي رأيته هو نظرة في عيني أمي تشبه جدا نظرة عنتر قبل أن يقتل القط . " ص19
عنتر إذن ليس مجرد إنسان مجنون قتل قطا ، إنه يرمز لذلك الشيء الغامض الموجود داخل كل إنسان . وراء الوجوه الجميلة ، و أصحاب العقول السليمة ثمة عنتر ينتظر خمشة قط لكي يقتله !! " هل يستمتع عنتر بهذا فعلا ؟ أم أنه قتل القط لأن القط تشاجر معه و أدماه ؟ " ص18 " لابد أن عنتر مسكين لأنه لا يجد المتعة في اللعب معنا . ربما لأنه لا أحد يلعب معه . " ص18
في قصة " حدث في الجنوب " طبيب كاتب يواجه مشكلة في النشر مع المجلس الثقافي . كان يعمل في قرية ( خير) طبيبا . يقرر زيارة عم (الصامت ) فرّاش الوحدة الصحية في ( خير) سابقا و مريض سرطان حاليا . الطبيب يريد " أن يعرف الحقيقة " ص56 و ينتقل الحدث إلى منزله دون أن نعرف نحن مادار بينهما . و في المنزل " يتصفح الجرائد .. يتوقف عند عنوان " حدث في الجنوب " و يقرأ : " على نفقتي الخاصة أنشر الفصل الأول من مذكراتي لأكشف لكم حقيقة يخجل منها الآخرون ، أعلم ما سوف يحدث لي ... لكن ليس لدي ما أخاف منه " ص57 ثم يعود إلى الماضي . الدكتور ( فلان) طبيب النساء و التوليد في طريقه إلى قرية ( خير) من القطار إلى القرية . يستقبله رئيس الوحدة ( الولي مرجان ) . الطبيب ( فلان ) استدعي لحملة تطعيم لا علاقة لها بتخصصه .
ثم يعود بنا الراوي إلى الحاضر . يتجه الدكتور إلى اتحاد كتاب الجنوب بعد أن انتهى من كتابة الفصل الأول . ثم يرن الهاتف ، المدعي العام يأمر المحقق أن يحقق في التقرير الذي أمامه . لعله محقق وزارة الصحة . و التحقيق في التقرير الذي قدمه الدكتور ( فلان ) بخصوص مخالفات قرية ( خير) .
يعود الراوي إلى الماضي حيث ازدحام الناس أمام الوحدة الصحية في قرية ( خير ) من أجل التطعيم . و يصدمنا هذا الحوار :
- ضد أي شيء يأخذون هذا التطعيم ؟
- إنه لقاح وقائي
- يقي من ماذا ؟ و أي لقاح ؟
- يقي من أي شيء .. لقد دفعوا من أجله الكثير
- دفعوا ؟
- لا تشغل بالك ( ص61)
من الحوار الذي دار بين الدكتور ( فلان ) و أحد زملائه نعرف موطن الفساد و مبررات التحقيق . في الصباح تعرف الدكتور إلى (شمس) ( ليست شمس الدنيا التي تجعل الجو حارا ص61) . و الدكتورة (دراهم ) ( جميلة ، رشيقة يعيبها شيء واحد أنها تحب المال كثيرا و تتحدث عنه أكثر .ص62) مما يعني أن حمدينو تعمد اختيار أسماء لها دلالات كاشفة تضيف إلى الشخصية و الحدث .
ثم يعود إلى الحاضر مع المحقق أثناء استجوابه كل من له صلة بفضائح الوزارة .
ثم ينتقل إلى الماضي حيث عرضت عليه الدكتورة ( دراهم ) الزواج حتى تتمكن من السفر " و عندما ذهبت إلى سفارة (خير) أخبروني أن العائق الوحيد أمام سفري أنني آنسة فعرضت عليك هذا الأمر كي نسافر معا " ص63 و نلا حظ هنا أن في (خير) القرية سفارة !
و في حفل تجديد الوحدة الصحية يقابل (زهرة) زوجة الولي مرجان لأول مرة و هي " جميلة طويلة القامة واسعة العينين بلون خمري جذاب " ص64 . و لاحظ وجود شيء بين دراهم و الولي ، كما لاحظ مراقبة شمس له . فيفاجئها بزواجه السري من دراهم .
يعود حمدينو بنا إلى الحاضر ، حيث قضية تشهير تنتظر الطبيب (فلان) و تقارير ( يبدو أنها أمنية ) عنه ، ثم إلى الماضي حيث سافر الطبيب (فلان) مع ( دراهم) إلى دولة(حلم) . في دولة(حلم) تحقق معه جهة أمنية ثم يخلى سبيله . ثم تذهب إليه (زهرة) زوجة (الولي مرجان) . فنعلم أن هذا أخذ جواز سفره ! و تعده ( زهرة ) أن تسرقه له ليتمكن من الرحيل . فإذا كان الدكتور (فلان) سافر مع (دراهم) إلى دولة(حلم) ؛ فما الذي جاء ب(الولي مرجان ) و زوجته ؟؟
حمدينو يقفز فوق الحاجز الزمكاني كيفما شاء ، و يحطم كل الحواجز الزمكانية . التراتبية الزمكانية غير موجودة نهائيا . (الولي مرجان ) نمط من البشر موجود في قرية ( خير) و في دولة (حلم) ، و في كل مكان . و تدمير البنى التقليدية يتعدى الزمن و المكان إلى الشخصيات أيضا فنجد الراوي يفاجئنا في صفحة 68 : " أعود إلى الشقة ، أجلس على حافة السرير ، أفكر قليلا فيما آل إليه أمري ، يطرق الباب فإذا بها (دنانير) " ، لقد كان في الشقة مع زهرة ، و يعود إلى الشقة لتدخل إليه ( دنانير) التي هي (دراهم) . هل تغير اسمها ؟ أم هي سخرية من امرأة تضخم حبها للمال فصارت ( دنانير) ؟! أم قد يكون هذا اسم التدليل ، استخدمه الزوج و لو لمرة واحدة ؟!
يطلق (دراهم) .. تعب من التحقيقات في دولة(حلم) .. لم يحققون معه ؟ ينوي الرحيل في طائرة الفجر . تقابله ( زهرة ) في الشارع لتخبره أن (شمس) تحبه و أنها رحلت " بعد رحيلك بيومين ص69" ، حطم أسوار الزمن ، " و لا أحد يعرف إلى أين ص69 " و لا مكان . ثم " نروح معا في ضمة وصل ص69 " و تخبره ( زهرة) أنها أول مرة تخون زوجها الذي يحب (دراهم ) بجنون و سيقضيان شهر العسل في دويلة (حلم) ( و أين هم الآن ؟؟) ثم يعود إلى بلدته ، و يتم التحقيق معه بخصوص الفساد في وزارة الصحة ، فنعرف أن المصل الذي أعطي للناس في قريةة(خير) مصل مخفف من فيروس الجدري القاتل و ليس مصلا وقائيا يجعل الجدري في حالة ثبات داخل الخلايا فلا هو يقتل و لا هو يشفي . ص71 " يخبره المحقق : " وزارة الصحة هي التي قامت باحتجازك يا دكتور(فلان) فما أوردته في تقريرك بحقهم يكفي ليحرقوك حيا. ص71" فهل ما حدث من مخالفات في عملية التطعيم حدث في قرية (خير) أم في دولة (حلم) ؟
يتصل النائب العام بالمحقق و يأمره بإدانة الطبيب و إيداعه السجن ثلاث سنوات على الأقل . و يعلن رئيس اتحاد كتاب (خير) " ضم حكايات الدكتور (فلان) إلى كتاب حكايات جدتي الذي يدرس في الصفوف الابتدائية و المتوسطة . ص72 " مما يعني أنها مجرد حكاية لا تمت للواقع بصلة .
سنحاول أن نعيد ترتيب المشاهد ترتيبا زمنيا تراتبيا تاريخيا . الدكتور(فلان) طبيب نساء و توليد ينتدب للعمل ضمن حملة تطعيم في قرية (خير) في جنوب البلاد . يتعرف هناك على زملائه ، (الولي مرجان) مدير الوحدة الصحية و زوجته ( زهرة) و الممرضة (شمس) و الدكتورة ( دراهم) . يكتشف الدكتور أن المصل الذي يعطى للناس به فيروس . يكتب تقريرا بهذا الشأن و يقدمه لجهات التحقيق . و يحاول نشره في أحد الصحف . يتم التحقيق معه و يتزوج سرا من (دراهم) و يقرر السفر معها إلى دولة ( حلم) . يكتشف الدكتور هناك مخالفات مماثلة و يتم التحقيق معه بنفس الطريقة . و يتعامل مع فساد نفس الأشخاص : (الولي مرجان) و زوجته التي تخون زوجها مع الدكتور و تخبره أن ( شمس) تحبه . يعود الدكتور إلى بلده ليتم التحقيق معه من جديد ، و يتخذ قرار بسجنه .، و نشر حكايته باعتبارها حكاية وهمية .
تعمدت إعادة صياغة القصة بهذا الشكل لكي يضع القاريء يده على الأسلوب الذي اتبعه حمدينو في بناء قصته . لقد أراد أن يؤكد على تماهي الزمان و المكان و الشخصيات ، و تجاوزها حدود التعريف . المكان واحد سبق المشهد أو جاء لاحقا . أسماه (خير ) أم ( حلم) . و الشخصيات هي هي في ( خير) و في ( حلم) . و الأسماء لها دلالات لا تخفى على أحد . فالدكتور ( فلان ) لأنه نكرة ، واحد من كثيرين في كل بلد و كل مكان . لا أحد يعيره اهتماما ، و إذا أراد أن يتمرد على كونه نكرة فمآله السجن . و ( شمس ) هي الوحيدة النقية بين الجميع ، لذلك رحلت . و (دراهم ) التي كبرت فصارت ( دنانير) تحب المال أكثر من أي شيء . و (الولي) الذي يدل اسمه على الطهر و العفة و به لمحة صوفية إنسان فاسد .، لذا استخدم الاسم بسخرية . و (زهرة) فاسدة و قد ساقت مبررات غير مقنعة لسقوطها . و الدكتور( فلان) فاسد لأنه استجاب ل(زهرة) و من قبلها ل(دراهم) .
في قصة " ست عيون" و هي من أروع قصص المجموعة ، يستخدم حمدينو تقنية سينمائية تؤكد ما ذهبنا إليه من أنه مولع بالقفز فوق حواجز الزمكان .
الحدث واحد نتعرف عليه من ثلاث روايات لثلاثة أشخاص هم الموجودون في نفس المكان و الزمان و الحدث . ثلاثة أشخاص بست عيون : الولد حامل الكيس ، و الشاب ذو الجاكت الأحمر ، و البنت السورية . مشهد واحد و ثلاث روايات . كل واحد يروي من وجهة نظره ، من النقطة صفر . الرواة الثلاثة يستخدمون ضمير المتكلم . المكان واحد ، لكنه ثلاثة أمكنة من وراء ست عيون . الزمن واحد ، لكنه يتحرك من ثلاث نقاط مختلفة . كل راو يقف في النقطة صفر الخاصة به ، و تتحدد بذلك المسافة بينه و بين الآخرين . لا يمكن – كما رأينا – أن تتحد الرؤى . تلك هي روعة القصة ، و عبقرية السرد عند أحمد حمدينو .
Post A Comment: