هل تستطيع اللغة التي نتبادلها خلال الحديث في حياتنا اليوميه التعبير عن :خبرات الإنسان الأصلية ،أم هي مقاربات كما قال نيتشه :بأن ما أنتهي إليه الفلاسفة ليس؛أكثر من استعارات لقوة الكلمة وهيمنة الصوت ،وكما قال دريدا فيلسوف التفكيك: بأنه لا يوجد تطابق بين العقل واللغة ،أو بين المنطق والنحو .
فدريدا ونيتشه يضعان النصوص الغربية كلها موضع تساؤل بإستمرار فالمعني الحقيقي مؤجل وليس في صورة حضور أمام العالم ،فما يوجد ليس أكثر من أثر ، ننطلق منه وليس هو الحقيقة ...
نتساءل أين تكمن الحقيقية بالخبرة الإنسانية .؟قد تكون في لغة الأدب والفن؟، فوحده الأدب والفن يكافح معلنا عن نفسه بلغة تحمل في أغوارها تلك الخبرات الأصلية القديمه المظلمة التى تعانق تضاريس الروح, وتسلك طرق عدة خفية لدهاليز القلب ،مبتعدة بتلك الصور غير الواضحة عن: اللغة النفعية والتي لا تملك إلا دال و مدلول واحد يدل عليه .....
أما لغة الأحلام والشعراء فيسكنها اللاوعي الذى يحرفها بإستمرار فهي متعددة الدلالات مكثفة المعانى الروحية ، الغامضة المبهمة........ لغة ليست وسيطا بين المبدع والمتلقي لتوصيل المعنى ؛بل هي كينونة في ذاتها........... تحمل من الظلال ،والضباب أكثر ما تحمله من الوضوح...... منفتحه على عالم لا ينتهي من الدلالات تنفتح علي أساطيرنا الشخصية الضاربة في أغوار ماضى سحيق، وعلي ضباب وغموض لا نهائي..... يحفر بعمق متوغل ليقبض على الحقيقة بداخل وأسفل تراكمات الزمن وطبقات الوعى الغائر... تملك تلك اللغة القدرة علي إختراق المادة اللفظية لا تقف علي تخومها مترددة بل تلقي بنفسها في أتونها لمعانقة أسرارها المستحيلة ....... تسمي هذه اللغة أحيانا هذيان الشعراء وأحلام الأدباء والمفكرين..... تحتوي بداخلها علي دهشة الإنسان..... وكأنه ينظر للوجود والأشياء نظرته الأولى، إنها اللحظات الذي يعانق فيها الإنسان الوعي المستحيل ..
Post A Comment: