وضعتُ لكَ رسائل نصية ومثلها عبر برنامج الواتس لكني لم أرى ردك ، أين أنت بربك أخبرني وإنقذني من السيول المالحة يا بشير  ،  أين أنت، أين أنت،  لا تصمت بربك جاوبني وإنفي خبر رحيلك ببعض نبرات كي تسعدني وإلى الحياة تعيدني ، هيا إفتح برنامج الواتس، قهقه كثيراً أو إبعث لي قلباً كالعادة ، أي شيء حتى اُموجي يرمز للضحكة أو مثله يشير للسخرية وآخراً للحُبِ والقوة والحياة، أي شيء فقط لا تبعث لي شيء يهيجُ حزني وآلآمي أرجوك أرجوك، مرر أصابعك النقية وإكتب أي شيء فالصمت إني أكرهه. 

ما زلتُ أشعر بـ قُبلتكَ التي طبعتها في وجنتاي يا بَشير ، حديثك المليء بالدهشة ، ضحكتك البيضاء كوجه القمر ، أخلاقك المُقتبسة من أخلاق الأنبياء وقَلبك الصافي كاللبن ، نبراتك الهاتفية التي كُنتَ تخجلني بها وكلماتك اللواتي كُنتَ تكررهم تجاهي يا آخر الأنقياء ،  
أواه يا بشير، رحيلك قطعني كما يقطع الجزار جسد الذبيحة ، حَرث وفتح في جسدي ثقوب عدة كما تفتح الصواريخ الحُفر في جسد هذا الوطن يا وطني الراحل ، وداعك وخزني بدون رحمة وكأن هُناك من غرس مليون خنجرٍ في عمودي الفقري وها أنا أصبحت كعجوزٍ في التسعين قامته مقوسة  كشريم الفلاحات ، إنها رصاصة اخترقتني ، وكُنتُ أنا الضحية لا أنت يا أندر الأصدقاء ، أنا من رحلت لا أنت ،  أنا من أختفيت لا أنت ،  وأنا من أنطفيت لا أنت ، إنه صباح يائس كوجه أرملة ويوم أسود كثيف بالعزاءات والدموع حين علمتُ انطفاء وهجك ، 

هُناك حيثُ تجمع الباعة في ذاك المكان الخاص من كان يحتضننا، هُناك حيث تسكن ذكرياتنا النقية وحيث كنا نرتشف حبات السجاير وننفخ بالدخان في وجه هذا العالم البائس تلقيتُ خبر رحيلك فصعقني ، هزَني كما تهزُ أسلاك الكهرباء الأجساد ، أمتصني ونزع فرحتي حتى شعرتُ بِرعشةٍ قوية في قدمي فكدتُ أسقط أرضاً وأفترش الأرض الحارة نتيجة وداعك يا صديقي ، لماذا رحلتَ فجأة يا رفيق، هكذا بكل صمت فتركت لنا كل السواد ، والله أن رحيلكَ بعثرني ، بدري على رحيلك بدري يا بشيري ، أعرفكَ جيداً، إنساناً طموحاً وتحلم كثيراً وتخطط للمُستقبل بِكلِ عبقرية والدليل عندما طرحت علي سؤالاً وخيرتني بين الغُربة أو مصدر رزقاً في اليمن فكان ردي مصدر الرزق هُنا خيراً من وجع البُعد لكنك أبتعدت كثيرا ً، لم أكن أعلم أنك تتحدث عن غُربة دائمة، رحيل وبدون عودة، إنطفاء وإلى الأبد يا من أهديكَ محبتي الأبدية ورثائي الصادق ودموعي الغزيرة. 

الآن من صنعاء شديت رحالك نحونا ، ترتدي قُماشاً أبيضا ، جسدك يفوح رائحة زكية من على الكَفنا ، ونحنُ هُنا نمضع القهر ونغتسل من دموعنا وهُناك منزلك ينوح ومنازل الجيران منزلاً منزلا ، سيلقون عليكَ نظرة الوداع وستنام في الضريح لكنك ستبقى في قلوبنا ساكنا وفي عيوننا ؛ برحيلكَ تمزقت شراهتي لزيارة السوق حيثُ كنتُ أقابلك وتقبلني واُقبِلك ؛ وداعاً مجازاً لا حقيقة والفاتحة لروحك والقوة لأهلك وكل مُحبيك وأنا ، رحمات الرب تغشاك يا قنديلنا .

صديقك / وثيق القاضي






Share To: