من العبارات التي بقيت عالقةً في الذهن لفترة طويلة، كلمات يرويها أستاذ جلال أمين بعد أن أتى مُبتعثًا من مصر لسنوات بغرض إكمال الدكتوراه في اوروبا. قال (حين أعود إلى مصر، سأكونُ أكثر رفقًا وإنصافًا ومعاملة حسنةً لزوجتي) 

كان يشعُرُ بتأنيب الضمير على قسوته غير المبررة خلال ست سنوات قضاها مع زوجته؛ كل ما سمح له العالم بالتعامل مع نساء أخريات من جنسيات وأعراق مختلفة!

 لا أبالغ إن قُلت بعد معايشة وتجربة في التعامل مع نساء من كل شكل ولون، أن المرأة العربية لها الجنة، وأنها من أكثر نساءِ العالم قهرًا وبُؤسًا، وربما تصلح لأن تكون موضع دراسةٍ في الصمود والصبر والقدرة على التحمل!

المرأة التي تنتمي للطبقة المتوسطة في بلد عربي هي امرأة فريدة، الركن الأضعف والحائط المائل، وغالبًا ما تُعامل من قبل الرجل معاملة قاسية، تُسلب منها كل سلطاتها وتُكبتُ شخصيتها وتجرّد من نفوذها وتعيش كسيرة القلب دائما، وربما الشيء الوحيد الذي يجعلُها تطيلُ الصبر وتحتمل العيش مع رجل لا يُطاق، فكرة -المحافظة على الحياة- وحبها للأولاد!

تلك المرأة الكادحة بطيئة الحركة من ثقل الهم، المائلة إلى الحزن من فرط المعاناة والتي تبدو أكبر من سنها بسبب تغطيتها المستمرة لشعرها وعدم استخدامها أي وسائل تجميلية سوى الكحل الأسود حول عينيها، وغالبا ما يفنى عمرها حرفيًا وهي تعيش لغيرها لدرجة نسيان كونها كيان وإنسان!

المرأة المقهورة التي كانت لفترة قريبة تتزوج دون تعارف مُسبق بشريكها الآخر، مما يجعل احتمال افتقاد الحب بين الزوجين كبير، واحتمال الطلاق أكبر إن لم تُرزق بأولاد، والخطر الاقتصادي الذي يهددها وتعيش في شبحه إذا تنكر لها الزوج، يجعلها تعيش سلسلة من الخوف الذي لا ينتهي! 

المرأة التي نشأت في مُجتمع لا يٌجيد أكثر رجاله فكرة العطف، بل ويحتقر بعضهم فكرة تدليل المرأة وكأنه نقص في الرجولة، المرأة مبخوسة الحق في الحصول على وظيفة، الذابلة من خلال الصعوبات التي تعترض إشباع الحاجات الأساسية. تلك المرأة هي أُمك وزوجتك وأختك!

لماذا فعلا لا تدرك قيمتها الحقيقية إلا بعد أن تعفّرك الحياة وتجد نفسك أمام امرأة قد تستدعي لك الشرطة لمجرد رفع صوتك عليها، أو حين تعيش تحت رحمة امرأة تذل أنفاسك كالعبد لسنوات لمجرد الحصول على إقامة في دولة، أو أن تصادف امرأة تتنكّر لك وتحرمك رؤية أولادك بحكم محكمة دون أن تستطيع فتح فمك؟

تلك المرأة التي لا يكفيها يوم واحد فهي العالم، لماذا لا تظهر لها شيئًا من الحب والامتنان، بدلا من أن تجعلها مدار سخرية في مجلسك، ولا تدرك كونها كنز إلا بعد أن تجدها خادمة صابرة لمرضك على سريرك، وبعد أن تدفع ثمنًا غاليًا بسبب القسوة والظلم وكتمان العواطف؟






Share To: