الجزء الثانى و الاخير.. 
توقفنا فى الجزء الاول عندما اجابها بأنه ( الاثنان معا ) 
ذات مرة كانا فى احدى المدن الساحلية السياحية و خرجا يتجولان معا و ظلا يتنقلان من متجر لاخر ,حتى توقفت امام احدى ( المولات  ) الكبيرة المتخصصة فى بيع الاحذية الرجالى و طلبت منه الدخول  , و لما كان مدركا لتأثير ( القوة الناعمة ) نبهها الى ان هذا المتجر للأحذية الرجالى فقط و على ما يبدو -انه غير عاد , و قال انه ليس بحاجة لأحذية و لديه عدد كبير لم يستخدمه بجانب عدد يستخدمه ,فأفهمته ان الدخول للفرجة فقط و من باب حب الاستطلاع , فطريقة العرض جذابة و ملفتة للنظر ,فوافقها على أن لا تبدى اعجابها بأى من المعروض بصوت مسموع او تشير لأى منها ,حتى لا يقعا فى شباك الباعة المتمرسين فقبلت ,
وبينمت هما أمام احدى الفاترينات ,لكزته بكوعها قائلة :" انظر ..انظر كم رائع هذا الحذاء !!!!! و بمجرد ما انهت عبارتها هذه - التى كانت بمثابة كلمة السر الى تفوه بها ( على بابا ) امام المغارة فانفتحت و اذا باحد العاملين يتوسطهما - كأنما انشقت الارض و خرج منها هذا الجنى او عفريت مصباح علاء الدين ,و أخذ يشيد بذوق المدام قائلا :" و الله ان ذوق حضرتك راق يا مدام , هذا النوع من الاحذية تنتجه شركة عالمية و تنتج عددا محودا على مستوى العالم و يتم الحجز قبل تصنيعه و نحن اشترينا منه مائة (زوج احذية ) هذا العام و نحن نبيعه للمشاهير  و الفنانين , و النبى يا باشا تشتريه و ما تكسف المدام ,كفاية انه على ذوقها الراقى و العالى , و على فكرة ده اخر زوج احذية لدينا من هذه النوعية و علشان انت محظوظ عليه تخفيض 60% , 
 و قام بتقديم البوم صور يحوى صور ا لبعض الاشخاص الذين يرتدون هذا الحذاء  من مشاهير لا يعرف احدا منهم , ثم طلب منه ان يجربه ,فأرتداه صاحبنا ,فطلب منه الموظف ان يصعد على منصة امام مِرْآة كبيرة و فجأة ظهر مجموعة من الموظفين الذين قاموا بالتقاط الصور لصاحبنا بأكثر من وضع  جالسا  وواضعا رجل على رجل و واقفا و بجواره المدام ممسكة بيدها العلامة التجارية للحذاء و بعد ذلك هنأه فريق العمل بأن صورهم ستضم للالبوم ." فسألهم صاحبنا اذا كان نجيب محفوظ و لا أحمد زويل و لا الدكتور مجدى يعقوب  اشتروا مثل هذا الحذاء من قبل 
فسأله احدهم :" و من هؤلاء ؟) فأجابه بأنهم مجموعة من المشاهير و الادباء و العلماء ,فضحك الرجل بصوت عال و قال :" يا باشا الناس دى اديها كتب قديمة تقراها من على سور الازبكية و لا مجلات محدش يفهمها ,  و ايش عرفهم بالشياكة  . و انتهى الحوار باتمام الصفقة و التى تمثل 40% من ثمن الحذاء و تمثل ما يتقاضاه صاحبنا فى عدة شهور و بالرغم من ذلك فأن صاحبنا حمد الله كثيرا لأن المبلغ الذى بالفيزا غطى ثمن الحذاء , و شكر البائع و شكر قرينته على ذوقها و استلم الحذاء الذى تم تغليفه بفن و اناقة , و ضحك بينه و بين نفسه عندما تذكر انه كان يشعر بسخافة الاعلان الذى يقول ( راحة الجسم تبدأ من القدمين )و قال لنفسه من الافضل ان يكون الاعلان (راحة القلب و السعادة الزوجية تبدأ بحذاء مثل هذا ) 
و لما وصلا الى مقر اقامتهما قالت له :" ارجو ان لا يصيبك الكدر بسبب هذا الحذاء لأنه باهظ الثمن ." 
فقال لها :" بالعكس ,اننى سعدت به كثيرا لأنه على ذوقك , و اوحى الى بأن اعمل عملية شد وش و اصبغ شعرى و البس كاجوال و بنطلون مقطعة اوصاله حتى يتماشى ما ارتديه مع ( النيو لوك ) و لكن فى نفس الوقت اشعر بالاسى و الشفقة على هذا الحذاء الرقيق ,فهو صنع للاقدام الناعمة  للمرور على السجادة الحمراء و ليس للسير فى الطرقات و اتوقع اننى مجرد ما ارتديه سيصرخ و يستغيث بالمارة من العذاب الذى يعانيه من خشونة اقدامى و فظاظة الطرقات و احس ان علاقتى به لن تستمر طويلا ,هى مجرد مرة واحدة اخرج به و اعود حافيا حاملا اياه و هو يعانى من جراح عميقة مزقته و احدثت به اصابات جسيمة ,عموما ساخرج به و اجلس على المقهى واضعا رجل على رجل و اتمنى ان يتعرف على اصدقائى بهذا ( البيرستيج الجديد ) 
فأدركت ما يرمى اليه بسخريته اللاذعة و لكنها اجابت بسرعة بديهة قائلة :" فشر ,حاشا لله ,ان يحدث ذلك فأنت قامة و قيمة و انت الذى تكسب ما ترتديه قيمة , الم يكن المهاتما العظيم غاندى  حافيا ؟ و الدكتور العالمى السير مجدى يعقوب , الم يكن عظيما و هو يرتدى هذا الحذاء البسيط  اثناء تسلمه جائزة لابداعه فى احد المؤتمرات  و قد كان و سيظل مثارا للاعجاب و الاحترام من كل الناس على مختلف توجهاتهم   و كذلك الراحل العظيم ,ذلك الطبيب الذى لقب بطبيب الغلابة الذى كرمه مجموعة من زملائه و تلاميذه و كان كل منهم يرتدى بدلة على احدث صيحة و زراير قمصانهم و كرفتاتهم و السعات الذهبية الى يرتدونها تلمع و تبرق و بالرغم من ذلك فأنه مجرد ظهوره ببساطته  ,ظهر مثل القمر المتلألئ بين نجوم خافتة ." 
فصاح صاحبنا " مرحى ..مرحى , دا احنا بقينا أدباء و شعراء ,ايه ده كله ؟" 
فردت ضاحكة :" من عاشر القوم ,يا أستاذ ,انت فاكر اننى لا أقرأ , أننى أقرأ  ما تقرأه   و  ما تكتبه  ,خاصة عن تلك الملهمة المجهولة التى تريد ان تخدعنى و تخدع من يقرأ لك بأنها السيجارة و التى تسيطر على جل كتاباتك, 
اما انا فأنك تتحاشى ان تصرح بأسمى فأنا لست بلقيس و لا رادوبيس و لا بايتريس و لا اى منهن ."
فرد عليها قائلا " لا غرابة فى ثورتك هذه فأخوة يوسف القوا به فى غياهب الجب لمجرد حلم سرده ,قد يكون وهما لا يتحقق و ان تحقق فلهم فيه عظيم الفائدة ,فلا تكونى منهم و لتعلمى انك كل النساء و كل الاسماء " و هنا رن هاتفها فانقطع الحوار و حمد الله ان الهاتف ساعده على  الابتعاد عن البركان قبل ان تنطلق حممه 
خالص شكرى و تقديرى لكم ايها الأعزاء و اتمنى لكم حياة سعيدة. 







Share To: