قبل ألف وأربعمائة عامًا -تزيد قليلاً- هاجر النبي المصطفى ﷺ من مكة إلى المدينة، من موطن الكبت والقهر والظلم والحصار إلى موطن الحرية والعدالة والمساواة والعز والتمكين، وكان ذلك بصحبة الصديق رضى الله عنه، وكانت هناك الكثير من العبر والدروس المستفادة من هجرته صلى الله عليه وسلم .
ومن تلك الدروس ما يلي :
1- معية الله لأوليائه المؤمنين ونصره لهم
ويتجلى هذا في حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار من أن تناله أيدي المشركين ثم نجاته من سراقة بن مالك.
2- الثقة المطلقة بالله وبنصره وتأييده
ويتجلى هذا الدرس في قوله :
"ما ظنك باثنين الله ثالثهما". ثم في عدم تلفته عندما لحقه سراقة، وكأن الأمر لا يعنيه ، ثم في إعطائه سراقة كتاب أمان، وهو الذي يخرج من بلده مهاجرًا، لكنه كان يرى نصر الله له ويرقبه ويتيقنه كما يتيقن الشمس في رابعة النهار.
3- الأخذ بالأسباب المادية لا ينافي التوكل
فها هو ﷺ حال هجرته يأخذ شتى الوسائل المادية المتاحة له، فيستخفي بالظهيرة ثم بسواد الليل ثم بتجويف الغار، ويسلك طريقًا غير معتادة، وينطلق جهة الجنوب ومقصده الشمال، ويستعين بكافر قد أمنه...
لكن ذلك كله لم ينسه أن يتوكل على ربه ويعتمد عليه.
4- جواز استخدام المعاريض في دفع الشر والبلاء
كما صنع الصديق حين كان يخبر من قابله في طريق الهجرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم دليله في الطريق، فيفهم المخاطب أنه طريق السفر، وهو يقصد الطريق إلى الجنة.
5- العفة والزهد فيما عند الناس رغم الحاجة إليه :
حيث عرض سراقة بن مالك عليه الزاد والمتاع وهو أحوج الناس يومذاك إليه، يقول سراقة: وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يسألاني شيئا، إلا أن قال: " عم عنا الخبر "
6- جواز الاستعانة بالمشرك إذا أمن شره ومكره
فقد استعان النبي بعبد الله بن أريقط فكان دليله في سفره وكان "هاديًا ماهرا وهو على دين كفار قريش فأمناه"
7- بذل الصحابة أنفسهم وأموالهم وأهليهم فداء لنبي ﷺ:
فقد نام عليٌّ في فراشه ليلة خروجه، وكان الصديق شريكه في أهوال رحلة الهجرة، فيما جهد ولداه عبد الله وأسماء ومولاه عامر في خدمة النبي ، وهذا من علامات الإيمان وضروراته، قال : "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"
8- دلائل صدق نبوة النبي ﷺ
ومن ذلك ثباته في الغار، وحين دهمهم سراقة، وذلك لا يتأتى إلا لمن علم أن ربه لا يسلمه إلى عدوه.
ومنه أيضًا معجزاته ﷺ فقد ساخت يدَا فرس سراقة لما هم بالسوء، كما حلبت شاة أم معبد وهي عجفاء لم يطرقها فحل -كما جاء في بعض الروايات- لما مسّ ضرعها.
9- الاستفادة من الطاقات المختلفة، وكل حسب نوعه وسنّه
فقد كان الصديق بحكمته خير رفيق للرسول ، فيما تولى الشاب عبد الله بن أبي بكر مهمة تحسس أخبار قريش، وتولى عامر بن فهيرة الخدمة، وتولت أسماء إعداد الجهاز والطعام لهذا الركب.
10- استحباب الرفقة في السفر، وأن يكونوا أكثر من واحد
11- فضل عبادة الهجرة وعظم ثواب المهاجر
حيث قال مخاطبًا مكة: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت"
12- فضل الصديق وشدة محبته للنبي ﷺ
فقد كان له أنيسًا وصاحبًا في الهجرة وخادمًا، فقد كان يحرسه ويخاف عليه ويبرد له اللبن ويؤثره على نفسه ويظله إذا قامت الشمس.
13- أهمية المسجد ودوره في الإسلام
حيث حرص النبي ﷺ عليه أينما حل، فقد بنى مسجد قباء قبل وصوله المدينة، وكان بناء المسجد النبوي أول أعماله حين وصل المدينة.
إلى غير ذلك الكثير والكثير من دروس هجرته المباركة صلى الله عليه وسلم.
Post A Comment: