أربع سنوات وثلاثة أشهر وبضع من الأيام المرهقة؛ فقط هي التي فصلت ومزقت القلوب إلى أنصاف منصفة، لحظات وينتهي عمر الفراق القسري وسنون عجاف من الحرمان الدامي، ثواني وتبقى الذكريات الحارقة ماضيًا وتمحو زمانًا قاسيًا. 
أعوام كانت كسحبٍ معتمٍ لونها لم تمطر ولم تدع الباقون في أمان منها، يتسلون ويمرحون بأوقاتهم تحت أضواء السماء، ساعتان صارتا حاجزًا من موعد محتم. 
ضحكاتها، غضبها، توبيخها، جنونها، وقبل ذاك طيفها جميعهم يؤنسوا وحدتي في جم أوقاتي منذ رحيلها، لم يكُ البعد يومًا حلًا لآهاتنا، صراخنا في عمق قلوبنا، ووداعٍ عند منعطف طريقٍ غاص كلانا في سراديب آهاته، متباعدان؛ متناسيان كل ما هو مبهجًا قد مر بنا وعلينا، جلساتنا الليلية حتى همساتنا في ليل الرابع عشر من فبراير، وبعض الأمنيات التي تكبتها قلوبنا عند منحدر طريقٍ واضطرارنا لفلت أيدينا من تشابكها. 
 
كنا بين قاب قوسين أو أدني من محطة اللقاء الأبدي، بين تراجيديا الإنتظار ودفء العناق؛ والدٌ يَهدر دماء عشقنا سلفًا، ويبيح سفكها ثم عدولٍ في قضيتنا؛ ليرمي الحكم بعد استئنافاتٍ  أرهقت كلينا دون جدوى؛ وبغير علمها بذاك الحكم المبهج؛ ترحيلًا مفاجئًا لها ثم عودة بغتة لدهاليزي. 
اختلطت الذكريات بحلوها ومرها لتنعش بقايا الحب في جب عمقي، وأنا قابعٌ ببقعة هناك في رجاءها. 
 
 
بقائي بتلك البقعة لم يكن مجرد صدفة أو لحظة عابرة، كانت منطلق حياتي التي لم أعشها منذ غياب نجمها عن سمائي، لم أدرك أن بها سيكون الليل مهرجانًا والقمر شاهد عيان لمن هم يجلسون تحته، يُخيل إليهم أنهم مخفون من البعض، كانت محض صدفة بالنسبة لها، غير أنها صدفة خلقت كينونتي مجددًا، لاحت كأنها تتقصد لقائي وإعادة الروح في جسدٍ هُلك دونها، تمنيت أن تكون هي وقبل ذاك كانت! هي، بولهها وعشقها وعطرها وشعرها الأسود القصير وحاجباها الغزيران وخداها المتوردان وشفاهها ذات اللون القرمزي اللامع، كانت هي بكل ما حملته من سمات خلقية. 
توقفتْ لوهلةٍ متأملة في حلمها الذي تحقق دون أن تدري بأن القدر قادها إليه؛ تلك النظرات وحبات اللؤلؤ التي اتخذت من خدودها مسكنًا، أخبرتني أن البعد لم يكن سوى فاجعة، بتوقيت اللقاء وقرب المسافات وحلول السعادة ودون أن يكون هناك بنت شفة تذكر، كانت بين يداي، رامية ما تحمله من نصب السنين، تعانقنا عناقًا قد قال الكثير وبقينا كما هو الحال، عاشقان، صامتان، عانا ما عانا من مرارة الحرمان ورهق السنين العجاف وتوج ذاك بحلاوة اللقاء المرتجل.






Share To: