لا داعي لكل شيء ، الوقت ضيقاً كخُرمِ إبرة ، والوجع يتجول في كل قطعة، لا أطباء بارعون ولا اُناس هُنا ، جميعهم وحوش مفترسة، يلتهمونك بتفاهتهم ، ويقزمونك كلما وضعت فكرة تساؤلية أمامهم، يتهمونك بالجنون وينبذونك ، كل حديثهم همز ولمز وسُخرية ،  يرقصون على دوي تنهيداتك ، ومن أفواههم يسكبون البنزين على جسدك ثم يشعلون النار عليك ، يحرقونك ، يحولون جسدك إلى قطعة فحم سوداء تشبه أفئدتهم ، يطحنون بقاياك إلى حفنات ثم يوزعون براءتك في كل جبلٍ وسهلٍ وواد، وآخرون يلفلفون تُرابك كسماد للحقول الزراعية هكذا وبكل بجاحة . 

إنني ومنذُ فترة أقضي لحظات صعبة ! ثوانيها تقذفني إلى سلة المُهملات ، تجعلني ضائعاً ووحيدا رغم أن الكثير حولي ، وبرغم كل هذا أشعر بالضياع ، ليس هُناك أحداً في جواري ، جميعهم لا يلتفتون إليَّ وكأنني عدو لدود ، أو سياسي قبيح أكلت أموالهم وتسببت بانهيار اقتصاد الدولة ، هكذا ينظرون إلى ذبول قلبي ، ذنبي أنني وقعتُ ضحية التفكير   ، أكفر بالتناقضات وأؤمن بالعقلِ والمنطق ، أفكر كثيراً وأتساءل ، أطرح تساؤلات يراها المُجتمع غريبة وأبحث عن إجابات مُقنعة  ؛ أتخلص من المعارك في صدري بالتساؤل ،  لكن لا أحداً يصغي لحديثي ولم أرى حتى نِصفُ إجابة ، اُتهمتُ بكثيرٍ من العجائب ولفقوا ضدي جميع الغرائب وكل هذا سبب تساؤلاتي،  

هجروني عندما كنتُ بحاجة لقربهم ، جعلوني أعشق الوحدة المُقرفة واُجبرتُ على كُرهِ هذه الحياة النزقة ، الحياة الضحلة المُشبعة بالشرود والسواد ، لم تعد الحياة جميلة كما كنتُ أراها سابقاً ، أصبحث هزيلة وسخيفة أيضاً ، لا لون لها ولا طعم ولا رائحة،  لابد أن ألعن كل هذا القرف جيداً ، أعلن انتصاري على كل هذا الزيف والنفاق، أركلُ  وجه المُجتمع المُحيط المُشبع بالعنصرية والسخافة ، ذاك المُجتمع الذي ومن المُفترض كان عليه أن يحتويني،  يظل في القرب مني،  يصغي لحديثي ويهديني اجابة كلما وضعت بين يديه سؤال ، لا أن يشن حرب اجرامية ضدي ، إنه مُجتمع مُعاق ذهنياً وفكرياً لا يستاهل وجودك البتة،  سأرحل بكل صمت وقبل كل شيء سأعتلي قمم الجِبال ، أبصق في وجهِ المجتمع المُحيط ، أرفع الأوسطى وأعرعِرُ لكلِ قبيحٍ  في هذا الوجود ، ألفُ حبل الرحيل وأعلن الإنتصار لذاتي ذاهباً نحو السلام . 

ـ أنا لستُ هُنا ! 

وثيق القاضي..

29-8-2021







Share To: