لَمْ يكن يَدُر في خُلْدِي في يوم من الأيام…
 أن كوني كله  سيندثر و يتغير ، و إلى الأبد عصر ذلك اليوم  ، و في تلك اللحظة العابرة  جدًا ، في ذلك اليوم العادي جدًا 

ومن أين لي أن أعرف يا حبيبتي…

و من أين لأيٍ منَّا أن يعرف…

و كيف لأيٍ منَّا أن يكشف …
ما تحيكه لنا يد الأقدار لنرتديه  قسرا بعد حين، و أن يكتشف أي درب تخطه لنا ريشة الأقدار فوق مِشْكآلِ نبضات قلبنا  الصغير ، لنسلكه و نعبره رغما عنا إن بعد لحظات أو بعد  العديد من السنين …إلا بعد فوات الأوان  و انطفاء الزمان ،  و رماد المكان…
 

لا الأقدار تخبرنا أو تُخَيِّرُنا…
و لا المنجمون يصدقوننا أو يُجِيرُونَنا…
 ولا  النجوم  تقدر أو تريد أن تفشي لنا ما يحاك و يرسم لخطواتنا  العرجاء ، و  يعزف لنبضات قلبنا العمياء  في لآنهايات الغموض…

…تكون في طريقك الذي  سلكْتَهُ بثبات و أمان كل يوم طوال السنين المنطوية ،  لا تلوي على شيء، مطمئنا بين خطواتك الربيبة و نبضات قلبك الرتيبة التي لا تكاد تشعر بها من كثرة التعود على الإبحار بدون ريحٍ أو نجم شمالي ، بدون بداية كالفجر العذب المشعشع ، بدون وصول كالغروب الهادئ اليانع ، بدون طريق يقودك منك إليك …

تعودتَ على السبح في يَمِّ الحياة بدون  شاطىءٍ  أو خليج ، بدون وهج أو أريج…حياة شبه ميتة أو ميتة تكآدُ  تكون…

وَ…
فَجْأةً…

هَذِهِ ال-فَجْأةً…

زمنُُ لآ يبدأ و لآ ينتهي…
لا يموت و لا يتجدد

كونُُ في كل الإتجاهات و الأبعاد يتمدد ، 
حتى تخاله لا يكاد يتنفس أو يوجد…
 
هَذِهِ ال-فَجْأةً…
ذرة من غبار مشاتل النجوم تحط بين عينيك، 

همسة حفيفة ، رهيفة، من لغة الخلق الأول

حرف  شارد من حروف الأبجدية العذراء،

وَ جُزَيئَةُُ جريئةُُ ، لزجة ، من سِحْرِ إلانشطار الأعظم…
 
شَدَّت الرحال مع موجات صدى لحظة الدهور ، 
لا تبحث عنك، بل تقصدك كل القصد، إنها تعرفك كل العرف
هي أنتَ لحظة نُطِقْتَ ، هي أنتَ قبل أن تكون أَنْت…
، لتكون، الآن، أخيرًا…أنت

لحظةُُ نورانية تَجُبُّ دهور  عتمتك…

قطرة وجودٍ مِن غيمة الأزل أمطرت على جدب خلجاتك و رست عند  ناصية خليجك…
فاهتزت و ربت دواخل و مجاهل مكنوناتك
فأنبتت شتلة  الإحساس و الشعور 
و أشعلت شرارة التوهج  و النور…

فَجْأةً…
مِنْ رَحِمِ الغُمُوضِ
أَلْفَيْتَ نَفْسَكَ
 تَسْبَحُ فِي يَمِّ هَذا الوُجُود

فَجْأةً…
شآرِدُ ُ أنْتَ
تَرْنُو الخُلُود

فَجْأةً…
سَتُوَدِّعُ هَذا الوُجُود

إلىَ…
 رَحِمِ الغُمُوض
تُمْسِي وَ تَعُود…

ملحومُُ من الفجأةِ أنت…
ممهورُُ بِالفجأةِ أنت… 
محكومُُ، ملغومُُ بِالفجأةِ أنت… 

يجيء أحدهم فجأةً…
لآ ينوي و لآ يلوي على شيء هو الآخر
يسرق قلبك  دون أن يدرك أو يشعر ، و  في نفس  الوقت و اللحظة و دون أن تنوي أو تشعر  ، تكون قد سرقت قلبه منهُ أيضًا…

حتى السحر يعصى عليه الإتيان بهكذا إعجاز و معجزة،. فالحب في بداية و نهاية الأمر معجزة…

يجيء أحدهم فَجْأةً…
 فيتشظى قلبك و ينفطر
 ،  ينبض، يتوهج ، و لِأول مرة تخاله ينفجر 
، إنه ينبض و يعزف لإثنين ،  يسقي و يزْهِر روحين…

يحلق في كونين هما الوجود كله ، يرفرف في بعدين هما الخلود نفسه

يجيء أحدهم فجأةً…
تحيا حيوات بلا عددٍ في لحظة خاطفة خارقة، 
تسافر على جناح نظرة  في عوالم عينيه  السحيقة  مستعذبا  رحيق الغموض ، الساطع ، الهائل في تلك اللحظة،  

و  ما أن تقفل راجعًا بعدها حتى تكون قد ثملت إلى الأبد من عذب و رضب تلك اللحظة-القدر،  اللحظة ال-فَجْأةً…

لا حياة قبل الحب ، و لا بعد الحب حياة…

تعالي يا حبيبتي …
تعالي نستنشق المستحيل 
تعالي نعانق غيمة الأزل و نقطف  قطرة ندى الفجأة…

فقط أغمضي عينيك …
و سأقول " أُحِبُّكِ" بكل جراحي  و جوارحي ، كما قالتها سماوات عينيك  " أُحِبُّكَ" عصر ذلك اليوم

فإذا احمرت وجنتاك  كورود نيسان، فلن أرحل مع أي خريف و إن ذبلت كل أغصانك ، و إن تساقطت كل أوراقك

…وَ إن لم تحمر وجنتاك
فحين تفتحين سماوات عينيك  حبيبتي  
لن أستحيل هناك …

، لم أكن يوما هناك…

خالد صابر

دبلن،  ٦ أكتوبر ٢٠٢١






Share To: